على قلوب أقفالها ". إذا فالإنسان المسلم مأمور بقراءة كتاب الله عزوجل وتدبره وإذا أعرض عن ذلك فهو من الهاجرين للكتاب الذين سيشكوهم الرسول إلى ربه في يوم الدينونة: " وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا " , كما أنه من أصحاب الأقفال على القلوب!
الشاهد أن الله عزوجل أنزل كتابا وأمر بقراءته وتدبره , فمن يقرأ كتاب الله ويتدبره ويبحث عن معان بعض الكلمات القلائل التي غابت معرفتها عن علمه فهذا من باب الواجب الشرعي الذي يدخل في باب التدبر المأمور به بنص الكتاب وليس من باب التفسير في شيء! وإذا قلنا أنه لا بد من تبيين كتاب الله عزوجل من أجل هؤلاء العصاة التاركين وإلا فسنكون من المضيعين لهم! فنعود للقول: إن الكم المطلوب بيانه في كتاب الله عزوجل جد ضئيل , فلا يمكن وصم كتاب الله عزوجل كله بالحاجة إلى التفسير من أجل بعض الكلمات القلائل تعرض لبعض العصاة التاركين لكتاب الله!
وهنا نترك جدال القارئ الذي سيظل يجادل إلى نهاية العمر لتعوده وألفته على القول بالتفسير ونتجه إلى التدليل على ما نقوله من كتاب الله عزوجل , ونقول: إن كتاب الله عزوجل يتميز عن غيره من الكتب بأنه تحدث عن نفسه ووصف نفسه بعديد من الأوصاف , منها قول العزيز الحميد: " وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " " بلسان عربي مبين " , وكما ذكر كونه مبينا ذكر طريقة التعامل معه! نعم ذكر المولى القدير طريقة التعامل مع كتابه , فما كان لينزل لعباده كتابا بتعبدونه به ويتركهم هكذا في عماء من أمرهم , كيف يتعاملون معه. لذا نذكر للقارئ الكريم من كتاب الله عزوجل كيف ينبغي أن نتعامل مع كتاب الله:
ذكرنا مسبقا أن الله عزوجل حث على تدبر كتابه ولام تارك التدبر ووضح أن الغاية من إنزال الكتاب هو تدبره , فما هو التدبر؟
التدبر من الدبر وهو كما جاء في المقاييس: الدال والباء والراء. أصل هذا الباب أنَّ جُلّه في قياسٍ واحد، وهو آخِر الشَّيء وخَلْفُه خلافُ قُبُلِه ...... والتدبير: أنْ يُدبِّر الإنسانُ أمرَه، وذلك أنَّه يَنظُر إلى ما تصير عاقبتُه وآخرُه، ......
يتبع ......................
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[07 Dec 2008, 09:29 ص]ـ
إذا فالدبر آخر الشيء وخلاف قبله ولما دخلت عليه تاء الجهد – وهي التي تضيف معنى الحهد والمشقة للفعل كما في قوله " اسطاع واستطاع " وقوله " جر وتجر " فتغير المعنى من مجرد الجر إلى جر بمعنى آخر وهو نقل البضائع من مكان إلى آخر - , أضافت إليه معنى الاحتياج إلى بذل المجهود في استخراج معاني هذا الكتاب العزيز , أي أنه على الإنسان أن يجتهد قدر الإمكان في استخراج معان القرآن واللطائف والإشارات الواردة فيه ولا يكتفي فقط بمجرد معنى واحد ظاهر لعينه فقط , فالقرآن على الرغم من كونه مبينا ميسرا ولكنه قول ثقيل كما وصفه الله العلي مخاطبا النبي الخاتم: " إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا " أي أنه يحتوي الكثير والكثير من المعاني التي تحتاج إلى استخراجها , ويمكننا القول بمصطلحاتنا المعاصرة أنه كتاب مكثف يحتوي الكثير والكثير من المعاني في نص محدود الكلمات وإذا كان النص نصا مكثف المحتوى فهو يحتاج منا إلى تحليل أي أنه يجب علينا أن نحلل النص إلى أصغر الوحدات الممكنة فنتعامل مع القرآن على مستوى الحروف أي أنع علينا أن نفكر لم استعمل الله عزوجل هذه الكلمة بل ولم هذا الحرف وليس أي حرف آخر وهذا يعني أنه علينا أن نسلم بأن ألفاظ القرآن مرادة كما هي لا أن نقول: ليس هذا هو المقصود وإنما المراد كذا وكذا. وليس هذا قول منا بل هو أيضا من كتاب الله عزوجل بدليل قول المولى الواحد " كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا " فهو كتاب مبارك والبركة في اللغة العربية أصلان وهما الثبات والنماء! وهنا اجتمع المعنيان في كتاب الله عزوجل فهو نص ثابت المفردات لا زيادة فيها ولا تغيير ولكنه مليء بالمعاني والمعارف والتي لا تفنى ولا تبلى على كثرة الرد بل كلما قرأه وتدبره إنسان استخرج منه من المعاني والإشارات واللطائف ما تنقطع دونه المجلدات العظام من الكتب. إذا فكتاب الله كتاب يحتاج إلى بذل جهد في استخراج معانيه , ونقصد باستخراج معانيه أن يستخرج ما يوجد في النص صراحة لا أن يضيف المفسر! من عنده أو
¥