[معالم الاستنباط في علم التفسير]
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[30 Jan 2009, 02:08 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين , أما بعد:
فهذا بحث: (مَعَالِمُ اَلاسْتِنْبَاطِ فِي عِلْمِ الْتَّفْسِيرِ) , والمنشور في العدد الرابع من مجلة معهد الإمام الشاطبي , أحببتُ تقريبه بين يدي إخواني في الملتقى ليَكمُلَ على أيديهم تحريراً وتعقيباً , وبالله تعالى التوفيق.
أخوكم أبو بيان نايف بن سعيد الزهراني
صباح الخميس 3/ 2/1430هـ
* * * *
(ملخص البحث)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
فهذا بحث بعنوان (معالم الاستنباط في علم التفسير) , يكشف عن جوانب من علمٍ جليلٍ من علوم القرآن الكريم, تأتي مرتبته بعد معرفة ألفاظ القرآن الظاهرة, ومعانيه المباشرة, ويختصُّ بمعاني المعاني, وما وراء الألفاظ من المعاني المتصلة بالآية من غير لفظها المتبادر ومعناها المباشر.
ويهدفُ هذا البحث إلى تأصيل مسائل ومعارف علم الاستنباط في فَنِّ التفسير, من خلال نصوص العلماء وأئمة المفسرين وتطبيقاتهم, مع إبراز مناهجهم في عرض المعاني المستنبطة, وشروط الاستنباط, وآداب المستَنبِط.
وقد تناول البحثُ هذا الموضوع من جانبٍ تمهيدي نظري, ثم تطبيقي عملي؛ وذلك بعرض نموذج تطبيقي من استنباطات الصحابة رضي الله عنهم في التفسير, ثم إبراز مسائل علم الاستنباط منه وتطبيقها عليه من خلال منهج تحليلي نقدي؛ يتناول هذا النموذج بالتحليل ودراسة الأقوال وما بُنيت عليه, ثُمَّ الحكم عليها, وبيان الراجح في موضع الخلاف, مع التعرض لعدد من المسائل الواردة في الرواية, ممَّا له علاقة بعلم التفسير وأصوله.
وقد أبرز البحث عِدَّةَ نتائج تتعلق بفروع من علم التفسير, يُرجَى لها أن تعود بفوائد حسنة - إن شاء الله تعالى - في جانب الدراسات التفسيرية بعامَّة.
(المقدمة)
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين, أما بعد:
فموضوع هذا البحث يرصد جانباً هاماً من جوانب علوم القرآن الكريم, هو من ألصق علومه بعلم التفسير, ويحاول إبراز أصوله وقواعده المبثوثة في كتب التفسير وعلومه, ويتجاوز ألفاظ القرآن ومعانيه المباشرة إلى ما وراءها من معاني وأحكام, فإن الناظر في موضوعات كتب التفسير يجدها قائمة على ثلاثة أنحاء: بيان الألفاظ والمعاني – وهذا صلب التفسير وحَدُّه -, وبيان معاني المعاني – وهذا مجال الاستنباط -, ولا يخرج حديث مفسر ما عن هذه الأنحاء, وقد اهتم العلماء كثيراً ببيان وتحرير الجانب الأول من هذه الموضوعات: ألفاظ القرآن ومفرداته, فظهرت كتب غريب القرآن, وإعراب القرآن, ومتشابه الألفاظ, والوجوه والنظائر, ونحوها ممَّا تناول الألفاظ القرآنية مفردة.
كما ظهر اهتمام العلماء بجانب المعاني في كتب معاني القرآن, ومشكلات القرآن, ومتشابه المعاني, وأحكام القرآن, ومبهمات القرآن, وغيرها من الكتب القائمة على معاني الآيات وأساليبها درساً وإيضاحاً.
أما جانب معاني المعاني, ومستتبعات التراكيب, والاستنباطات القرآنية, فهو بابٌ جليل, لم يأخذ حظَّه من التحرير والتأصيل, مع كون هذا العلم من ألصق العلوم بعلم التفسير, بل هو شطر موضوع كتب التفسير كما سيأتي بيانه.
ومع قيامِ عدد من كتب العلماء على الاستنباط جمعاً وتطبيقاً - كما سيأتي ذكره إن شاء الله - إلا أنها تكاد تكون خالية من حديث مباشر عن هذا العلم؛ يرتقي به إلى أن يكون من علوم القرآن الظاهرة المشهورة, ذات القواعد الثابتة الجامعة لأشتات أفرادها وجزئياتها تحت نظام واحد.
وفي سبيل الوصول إلى هذه الغاية الجليلة, رأيت أقرب طريق يحقق المراد منها: تصفح تفاسير السلف في القرون الثلاثة الأولى المفضلة في كل علم وخير وهدى؛ الذين أدركوا مَنْزلة علم التفسير من الدين فنَزل منهم أشرفَ منْزل وأعلاه, وتفرَّغ له طائفةٌ منهم, فأفنوا فيه أعمارهم تحصيلاً وتأصيلاً, وسلكوا لنشره وتبيينه للناس كُلَّ سبيل, فكان بيانهم أحسن بيان, وجاء استنباطهم أدَقَّ استنباطٍ وألطفه, ولا غرو؛ فهم خير هذه الأمة وأفضلها بشهادة خير البرية صلى الله عليه وسلم (1).
¥