تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نظرة .. في مصطلح: (قواعد التفسير) ..]

ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 Jan 2009, 03:48 ص]ـ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد ..

فإن ضبط المصطلحات ذو أهمية بالغة، لما له من تأثير في بيان العلوم وعلاقتها غيرها، لذلك كتب العلماء كتب التعريفات، وحرروا المصطلحات العلمية في كثير الفنون.

وفي هذا المقال أحب الحديث عن مصطلح (قواعد التفسير)،و بداية أُذَكِّرُ بأمرين:

أولاً: أن الكلمة العربية لها حالات:

1 - أن تبقى على معناها في اللغة ولا تنتقل إلى معنى جديد. وهنا تكون الكلمة سائرة مع الحقيقة اللغوية، وعلى استعمال العرب. وهذا حال أغلب كلمات القرآن. لذلك فإن من أهم قواعد التفسير أن يفسَّر على مقتضى قواعد العرب في الفهم، وأن تفسر كلماته على حقائقها العربية إن لم تنتقل إلى معنى شرعي أو عرفي جديد.

2 - أن تنتقل إلى معنى عرفي جديد. ويكون هذا المعنى هو المراد عند إطلاق الكلمة بين أصحاب ذلك العرف، كما وقع التعارف على كلمة (الفاعل) بين أهل النحو على معناه الحادث بعد وهو: " ما أسند إليه الفعل أو شبهة على جهة قيامه به" أو غير ذلك مما عُرِّف به الفاعل، وهكذا كثير من الكلمات التي استُخدمت في العلوم بعد تصنيفها، وفي الدلالة على أقسام تلك العلوم وأنواعها. وإذا كان هذا العرف حادثاً بعد زمن التنزيل فإن من الخطأ أن تفسر الآيات بحسب ذلك العرف، كما يخطئ من يفسر قوله تعالى: (كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروهاً) بأنه المكروه الاصطلاحي عند كثير من العلماء الذي هو دون المحرم، وكما يخطئ من يفسر قوله تعالى: (فينسخ الله ما يلقي الشيطان) بالنسخ الاصطلاحي المعروف.

3 - : أن تنتقل الكلمة إلى معنى شرعي جديد. وهذا ما وقع في عدد من الكلمات كالصلاة والزكاة والصيام والحج والإيمان والكفر وغير ذلك من الكلمات الوارة في الشرع على معنى جديد. وهنا يجب أن تفسر الكلمة بمعناها الشرعي لا اللغوي.

والكلمات القرآنية تُفسر بالحقيقة الشرعية إن وجدت فإن لم توجد فينتقل إلى الحقيقة العرفية أو اللغوية، فتقدم الحقيقة الشرعية على غيرها إن وجدت.

ثانياً: أن المعنى اللَّقَبِيَّ للمصطلحات ليس بمعزل عن معنى ما تَرَكَّبَ منه المصطلحُ:

لذلك فإن تعريف المصلحات المركبة أو الوصفية، ينبغي أن يراعى فيه معاني الأجزاء التي تُكَوِّنُ ذلك المصطلح.

ولا يكفي في ذلك الاكتفاء بتعريف أحد الجزئين، بل لا بد من تعريف كل جزء على حده، ثم يُعَرَّفُ المعنى المركب من الجزئين حتى يكون التعريف منطبقاً على العلم، جامعاً لمسائله، مانعاً من دخول غيره فيه.

ومصطلح (قواعد التفسير)، من المصطلحات التي لا تزال بحاجة إلى مزيد من التحرير والضبط، وذلك لأسباب:

1 - أن هذا العلم لم يلقَ حظَّه من الكتابة والتحرير، كغيره من العلوم المشابهة كقواعد الفقه، فإن العلماء منذ زمنٍ بعيد قد كتبوا وحرروا مصطلح (قواعد الفقه) في كتب كثيرة، بينما نجد أن قواعد التفسير لم يُكتب فيها إلا من قبل المعاصرين، وقليل من المتقدمين الذين لم يصل إلينا من كتبهم إلا نزرٌ يسير.

2 - أن ما كتبه المتقدمون وبعض المعاصرين ليس في موضوع قواعد التفسير بل في علوم القرآن ككتاب (التيسير في قواعد علم التفسير) للكافِيَجي، وقد يشتمل على بعض قواعد التفسير كما في بعض الكتب المعاصرة.

3 - اختلاط هذا العلم بعلم أصول الفقه، وتداخل بعض المسائل بينهما، حتى أصبح تعداد قواعد الأصول ضمن قواعد التفسير أمرٌ معهود عند من كتب في قواعد التفسير.

بعد ما سبق يتبين أن هذا المصطلح بحاجة إلى تحرير وضبط ومراجعة حتى تنضبط مسائله ومفرداته، وليس المقصود في هذا المقال تحرير المصطلح بل المراد لفت الانتباه إلى أهمية ذلك ومحاولة فتح الطريق أمام الدراسين لمناقشة هذا الموضوع، ولعل ذلك يكون بدراسة ما يلي:

أولاً: تعريف القاعدة:

القاعدة في اللغة بمعنى الاستقرار والثبات، وأقرب المعاني إلى المراد في معاني القاعدة هو الأساس، نظراً لابتناء المعاني عليها كابتناء الجدران على الأساس (1).

وأما في الاصطلاح:

فإن معنى القاعدة ليس مختصاً بعلم بعينه، وإنما هو قدرٌ مشترك بين جميع العلوم.

وعرفها بعضهم بقوله: " القواعد: القضايا الكلية " (2).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير