تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تفسير القرآن بالإسرائيليات .. نظرة نقدية]

ـ[رأفت المصري]ــــــــ[06 Feb 2009, 07:22 م]ـ

[تفسير القرآن بالإسرائيليات .. نظرة نقدية]

من المسائل المهمة في أصول تفسير القرآن مسألة تفسيره بالإسرائيليات المروية عن أهل الكتاب، فقد اختلف العلماء في هذه المسألة، بعد اتفاقهم على حكم التفسير ببعض صور هذه الإسرائيليات، بل وجه الدقة أن يقال: إن العلماء قد اتفقوا على ذلك في صورتين، واختلفوا في الثالثة، وأنا مستعرض إن شاء الله تعالى هذه المسألة ومبين فيها وجه الحق حسب الطاقة، سائلا المولى التوفيق والهداية.

لكنني أشير إلى أن هذا الموضوع من الأهمية بمكان، وليس هو من المسائل الترفية ولا الكمالية، ذلك أن الإسرائيليات قد ساقت علينا خطرا عظيما، وفتحت بابا كثر الولوج إلى الدين من خلاله، فوجب تحقيق هذه المسألة على وجه يفصل فيه بين المختلفين.

خصوصا وأن كثيرا من المفسرين قد عثروا بهذه العقبة فأوردوا في تفاسيرهم ما لا ينبغي؛ بل ما لا يحل روايته من القصص الباطلة عقلا أو شرعا.

أولا: الموضوع من الأهمية بمكان من الناحيتين:

1 - العقدية: من حيث إن هذه الإسرائيليات قد زجت في التراث الإسلامي عموما وفي التراث التفسيري كثيرا من الدخيل العليل، الذي يمثل كثير مما فيه تخاليط عقدية وجب التحذير منها.

2 - السياسية: من حيث إن اليهود عليهم اللعنة والغضب وظّفوا تحريفاتهم لكتاب ربهم المنزل عليهم في خدمة مصالحهم وأطماعهم السياسية .. فدسّوا أو حاولوا أن يدسوا في أديان غيرهم ما يعينهم على ذلك، وما يُثبت لهم حقا أو يبرر لهم موقفا مخزيا اقترفته أيدي آبائهم قتلة الأنبياء .. وأئمة الجبن والكفر والرياء ..

ويظهر هذا جليا جدا في تلاعبهم بدين النصارى .. حيث إنهم خصوصا في هذا العصر قد نجحوا في تهويد النصرانية تهويدا رسميا لا مزيد عليه، فصارت جحافل النصارى بعد أن كانوا ينقمون على اليهود قتلهم المسيح - فيما يعتقدون - يتسابقون للفوز برضاهم وتحقيق مآربهم الدينية السياسية التي نجح اليهود بربطها بحبل وثيق بصميم الاعتقاد النصراني، وتحقيق النبوآت التي ينتظرها هؤلاء!!

ومن هنا وجب التحذير من هذه الإسرائيليات التي ما يزال اليهود يبثونها في فكر ودين غيرهم .. وليست هذه الإسرائيليات بالمجمل قديمة فحسب، بل نجد منها إسرائيليات جديدة ولدت حديثا وما زالت تولد .. لكنها على الأغلب الأكثر أخذت لونا جديدا ليس هذا هو محلّ بحثه.

وعليه فإننا نبدأ التأصيل للموضوع من جذوره الأولى، وهي التعرض لكلام أهل الكتاب والرواية عنهم فيما يتعلق بالتفسير، وهو أول مظاهر الأخذ والتلقي عنهم في التراث الإسلامي ..

ثانيا: لا بد من التعرض للتعريف الدقيق لكلمة الإسرائيليات، فأقول:

الإسرائيليات: هي القصص والروايات المنقولة عن أهل الكتاب من اليهود "بني إسرائيل" أو من النصارى، وإنما سميت بالإسرائيليات تغليبا، لأن أكثر هذه القصص مأخوذ من بني إسرائيل.

وقد أخذ المسلمون والمفسرون هذه الروايات من كتب أهل الكتاب أو ممن أسلم منهم، كعبد الله بن سلام، ووهب بن منبه وكعب الأحبار، وغيرهم.

ثالثا: وقد نص كثير من العلماء على أن الإسرائيليات عموما تنقسم إلى ثلاثة أقسام، وممن نص عليه، شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن كثير، الأول في رسالته البديعة: "مقدمة في أصول التفسير"، والثاني في مقدمة تفسيره العظيم: "تفسير القرآن العظيم ".

ويتلخص الكلام في أن الإسرائيليات على ثلاثة أنواع من حيث علاقتها بالقرآن:

الأول: ما كان موافقا للقرآن.

الثاني: ما كان مخالفا له.

الثالث: ما لم يكن موافقا ولا مخالفا، بل سكت عنه القرآن ولم يبينه.

ولكل من هذه الأقسام حكم يختص به فيما يتعلق بالتفسير.

وقد أجمع العلماء في ضوء التقسيم الثلاثي على حكم نوعين، واختلفوا في الثالث:

** أجمعوا على أن ما كان موافقا لما نزل في القرآن الكريم، فإنه صواب، لموافقته، ولا حاجة إليه لوجوده بين أيدينا من القرآن.

**أجمعوا على أن ما كان مخالفا لكتاب الله تعالى فإنه لا يحل أخذه وروايته إلا على سبيل التحذير، ولا يجوز بحال تفسير كتاب الله تعالى به.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير