تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[سنفرغ لكم أيها الثقلان --- مقال لافت]

ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[11 Jan 2009, 01:42 م]ـ

بعد أن قرأت سؤال أم أحمد المتعلق بقوله تعالى:"لم يطمثهن أنس قبلهم ولا جان" وجدت من المناسب أن أنقل مقالاً للشيخ بسام جرار يصلح أن يكون خلفية لفهم بعض المسائل المتعلقة بهذه العوالم الغيبية.

سنفرغ لكم أيها الثقلان

بقلم: بسام جرار

جاء في عمدة الحفاظ للسمين الحلبي:" الزوج في اللغة: الواحد الذي يكون معه آخر، والاثنان زوجان، يقال زوجا خفٍّ وزوجا نعل ... ". إذن لا يقال عن الفرد زوج حتى يكون معه آخر يكمّله في وظيفته. والزوجية قانون كوني، انظر قوله تعالى في الآية 49 من سورة الذاريات: " ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون"، وجاء في الآية 36 من سورة يس:" سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون".

المتدبر لسورة الرحمن يلاحظ من البداية التركيز على الثنائيّة في الخلق والتكوين، ويلفت انتباهه الخطاب المتكرر للمخلوقَيْن المكلفَيْن، أي الإنس والجن:" فبأي آلاء ربكما تكذبان".

وهذا ينبهنا إلى الثنائيّة في خلق الإنس والجن؛ ففي الإنس هناك الأنثى والذكر، وفي الجن أيضاً، وهذا ما تؤكده الآيات القرآنية الكريمة.

وإذا كانت الثنائية الزوجيّة قانوناً في عالم الإنس وعالم الجن بحيث يُكمّل كل زوج زوجه في الوظيفة، فما الذي يمنع أن تكون الثنائية في خلق الإنس والجن هي ضمن القانون العام من أجل أن تتكامل الوظائف، وإن كانت النصوص القرآنيّة تؤكد بأنّ الإنسان هو الأهم في هذه المعادلة الثنائية. وهذه الأهمية لا تمنع أن يكون وجود عالم الجن مهماً من أجل تكميل عالم الإنس. ويبدو أنّ وجود عالم الجن كان المقدمة لوجود العالم الأهم، أي عالم الإنس. وهذا لا يعني التقليل من أهمية عالم الجن، فالآيات القرآنية تؤكد أهمية عالم الجن بل وتقرنه بعالم الإنس.

جاء في الآيتين 17 و 18 من سورة الرحمن:" رب المشرقين ورب المغربين، فبأيّ آلاء ربكما تكذبان"؛ فالشروق والغروب إذن من النعم التي أنعمها الله تعالى على هذين المخلوقين المتكاملين في وجودهما وكينونتيهما. وهناك شروق وغروب للشمس وشروق وغروب للقمر، وهذه ثنائية تكاملية؛ فعندما تغيب الشمس يشرق القمر، وعندما تشرق الشمس يغيب القمر. وللشروق وظيفة يكملها الغروب. وإذا كان النهار هو الأهم لحياة الإنسان والكائنات فإنّ الليل ضرورة تكمل وظيفة النهار، ولا يصلح النهار وحده حتى يكون ليل. ويبدو أنّ عالم الإنس كالنهار وعالم الجن كالليل.

جاء في الآيات (19، 20، 21) من سورة الرحمن:" مرج البحرين يلتقيان، بينهما برزخ لا يبغيان، فبأي آلاء ربكما تكذبان"، فإذا كان هناك التقاء بين مياه البحر المالح والبحر العذب فإنّ هناك حاجزاً يمنع اختلاطهما ويمنع أن يبغي أحدهما على الآخر. وعليه فقد يكون هناك نوع من اللقاء بين عالم الإنس والجن، يدركه الجن أكثر مما يدركه الإنسان، ولكن هناك حاجزاً يمنع من الاختلاط ويمنع من أن يبغي أحدهما على الآخر.

لا نريد هنا أن نستمر في استعراض الآيات القرآنية من سورة الرحمن، ولكن قصدنا إيصال الفكرة التي تقول باحتمال تكامل هذين العالمين. وهذا التكامل ليس دنيوياً فقط بل هو أيضاً مستمر في عالم الآخرة، أي في العالم الآخر الذي هو أهم، وما الدنيا إلا المقدمة له.

جاء في الآيتين 46، 47 من سورة الرحمن:" ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان": فإذا كان المقصود جنّة للإنس وجنّة للجن، فإنّ ذلك يعني أنّ قانون الثنائية يستمر في الآخرة؛ فالجنة التي يتمتع بها الإنس يوازيها جنّة أخرى يتمتع بها الجن. ويبدو أنّ وجود كل واحدة منهما ضرورة لوجود الأخرى. وعدم إحساس الإنسان بجنة الجن لا يعني أنه لا يتمتع بوجودها؛ فعندما نشعر بالنشاط، مثلاً، فإن ذلك لا يعني أننا قد عرفنا وأحسسنا بوعي بسبب هذا النشاط. والعكس أيضاً، فكم من مرض في الدنيا مسبباته مجهولة وغير محسوسة للإنسان.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير