[سر حذف الياء المفردة الزائدة المتصلة بالأسماء في الرسم القرآني]
ـ[العرابلي]ــــــــ[11 Dec 2008, 02:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
النوع الثاني: حذف الياء المفردة الزائدة المتصلة بالأسماء
(حذف الياء دائمًا للاستمرار)
وهي التي تدل على المتكلم المضمر المتصل سواء أكان منصوبًا أو مجرورًا
استعمل حرف الياء (الدال على التحول) ليدل عن المتكلم الذي تحول إليه شيء، أو أضيف إليه؛
فالأشياء والأمور مطلقة حتى تقيد بالتملك، أو بالإضافة، وجد ذات الشيء أو مثله عند غيره أو لم يوجد، وخصت الياء بالمتكلم دون المخاطب؛ لأن الياء عندما تكون الحرف الأخير؛ يزاد إلى دلالة التحول فيها؛ الاستقرار والامتداد، وأبلغ الاستقرار أن يكون الشيء ملكًا لك وبين يديك، وغير ذلك لا تصرف لك عليه، ويغيب عنك لوجوده بعيدًا عنك، أو خروجه من يدك.
وفي الأصل أن الإنسان يوجد في الحياة ولا يملك شيئًا، وما يملكه الإنسان أو يضاف إليه؛ هو مما تحول إليه واستقر عنده بأي سبب كان؛ بالشراء، أو الهبة، أو الإرث، أو الهدية، أو العطاء، أو الأجر وجزاء العمل، أو أي سبب آخر؛ فياء التحول شاملة لكل ذلك وأمثالها.
وصورة الياء الساكنة في الرسم، والمتولدة من مد كسرة الحرف الأخير في الكلمة؛ تثبت معنى التحول واستقراره وانقطاعه، ويقيده بالمتكلم، وحذفها يطلق قيدها للاستمرار، ولتشمل غير المتكلم أيضًا في حال الوقف؛ لأن الوقوف على الكلمة يكون دون الياء. وتكتب الكلمة على تسكين آخرها؛ لأن حذف الحركة يعطي لها الاستقرار بالتسكين، وإذا كان الحرف في الأصل ساكنًا فالوقوف عليه لا يغير في دلالته، لكن بالحذف تحرك الكلمة في الوصل فيتغير حالها، والوقف يكون على غيرها، والرسم يوثق ذلك.
الياء الزائدة المتصلة بالاسم: حذفت في أحد عشر موضعاً؛
1 - مآب:
قال تعالى: (وَالَّذِينَ ءاتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنْ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (ي) (36) الرعد.
وإليه مآبي: إليه رجوعي الدائم دون غيره، وكذلك رجوعكم، ولو كان القصد إخبارهم بمآبه إلى الله دونهم فقط، وأن عليه عبادة الله تعالى وحده وعدم الإشراك به؛ لما كان هناك فائدة من دعوتهم إلى عبادة الله، أوكانت الدعوة لأمر مؤقت قابل لأن يبدل بغيره.
2 - متاب:
قال تعالى: (كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَاْ عَلَيْهِمْ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (ي) (30) الرعد
كالسابقة فإلى الله متابي الدائم، وكذلك متابكم، ولو كان القصد إخبارهم بمتابه إلى الله دونهم، وأن ربه الله الرحمن لا إله له غيره، وأن توكله عليه دون سواه فقط؛ لما كان هناك فائدة من تكليفه بالرسالة إليهم.
3 - دعاء:
قال تعالى: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَواةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (ي) (40) إبراهيم.
حذفت ياء دعائي في (إبراهيم) لأن المراد تقبل الدعاء بصفة دائمة متى دعا الله في هذا الموقف وفي غيره، وكذلك دعاء ذريته، ومن الدعاء لا يتحقق إلا في الآخرة كالنجاة من النار ودخول الجنة؛ أي تقبل دعائي واستمر في تقبل الدعاء مني ومن ذريتي.
أما إثابتها في قوله تعالى: (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَاءي إِلَّا فِرَارًا (6) نوح.
فلأن هذا الدعاء هو خاص من نوح عليه السلام يدعوهم إلى الإيمان والتحول إليه، وعند الاستجابة ينقطع هذا الدعاء، وقد انقطع فعلاً من غير أن يؤمنوا؛ عندما يأس من إيمانهم ورأى خطر بقائهم فدعا عليهم بقوله تعالى: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارًا (26) نوح، فاستجاب الله له واستأصلهم بالطوفان.
أما أمثلة (دعاء) الأخرى (المحذوفة الياء) فهي؛ إما معرفة بأل، وإما معرفة بالإضافة إلى (غير ياء المتكلم)، وإما منونة.
4 - دين:
قال تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (ي) (6) الكافرون.
¥