[مواقف تدل على تأثر السلف بالقرآن ووقوفهم عند آياته وتفاعلهم معها]
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Dec 2008, 10:13 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من نظر في سير السلف الصالحين ظهر له بجلاء أن من أبرز صفاتهم، وأجل مناقبهم: تأثرهم بالقرآن العظيم، وحرصهم الشديد على الاتصاف بكل وصف أثنى الله على أهله، وحذرهم من الوقوع في أي وصف ذم الله من اتصف به.
وقد كانوا - رضي الله عنهم - وقّافين عند كتاب الله، معظمين له، رجّاعين إليه إذا اختلفوا، مستدلين به إذا تكلموا.
وفي هذا الموضوع أردت ذكر شيئ من مواقفهم رجاء أن نسلك طريقهم، ونقتفي أثرهم، ونلحق بهم، ونقتدي بهداهم.
ومن الموقف في ذلك:
أورد الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة عبدالله بن عمر رضي الله عنهما هذا الخبر:
(عن قزعة، قال: رأيت على ابن عمر ثيابا خشنة أو جشبة، فقلت له: إني قد أتيتك بثوب لين مما يصنع بخراسان، وتقر عيناي أن أراه عليك. قال: أرنيه، فلمسه، وقال: أحرير هذا؟ قلت: لا، إنه من قطن.
قال: إني أخاف أن ألبسه، أخاف أكون مختالا فخورا، {والله لا يحب كل مختال فخور} [الحديد:23].)
ثم قال الذهبي رحمه الله معلقاً: (قلت: كل لباس أوجد في المرء خيلاء وفخرا فتركه متعين، ولو كان من غير ذهب ولا حرير.
فإنا نرى الشاب يلبس الفرجية [الفرجية: ثوب واسع طويل الاكمام، بتخذ من قطن أو حرير أو صوف.] الصوف بفرو من أثمان أربع مئة درهم ونحوها، والكبر والخيلاء على مشيته ظاهر، فإن نصحته ولمته برفق كابر، وقال: ما في خيلاء ولا فخر.
وهذا السيد ابن عمر يخاف ذلك على نفسه.
وكذلك ترى الفقيه المترف إذا ليم في تفصيل فرجية تحت كعبيه، وقيل له: قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما أسفل من الكعبين من الازار ففي النار "، يقول: إنما قال هذا فيمن جر إزاره خيلاء، وأنا لا أفعل خيلاء.
فتراه يكابر، ويبرئ نفسه الحمقاء، ويعمد إلى نص مستقل عام، فيخصه بحديث آخر مستقل بمعنى الخيلاء، ويترخص بقول الصديق: إنه يا رسول الله يسترخي إزاري، فقال: " لست يا أبا بكر ممن يفعله خيلاء "
فقلنا: أبو بكر رضي الله عنه لم يكن يشد إزاره مسدولا على كعبيه أولا، بل كان يشده فوق الكعب، ثم فيما بعد يسترخي.
وقد قال عليه السلام: " إزرة المؤمن إلى أنصاب ساقيه، لا جناح عليه فيما بين ذلك وبين الكعبين ". ومثل هذا في النهي لمن فصل سراويل مغطيا لكعابه.
ومنه طول الأكمام زائدا، وتطويل العذبة.
وكل هذا من خيلاء كامن في النفوس.
وقد يعذر الواحد منهم بالجهل، والعالم لا عذر له في تركه الإنكار على الجهلة.) انتهى.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[26 Dec 2008, 03:02 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا أبا مجاهد وليتك تواصل هذا الموضوع القيم ..
ـ[يسعد صباحك]ــــــــ[26 Dec 2008, 04:36 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا أبا مجاهد وليتك تواصل هذا الموضوع القيم ..
بارك الله بك أخي فعلا ليتك تواصل هذا الموضوع القيم
بكل ماتحمله الكلمه من معنى
وفقك الله ورعاك
ـ[أفانين القرآن]ــــــــ[26 Dec 2008, 10:03 م]ـ
شكر الله لك أخانا المبارك ..
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Jan 2009, 11:04 ص]ـ
قال ابن حجر في الإصابة في معرفة الصحابة: (عن نافع: كان ابن عمر إذا قرأ هذه الآية: " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " يبكي حتى يغلبه البكاء.).
وهذا الأثر أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 1/ 305 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، عن عثمان بن واقد، عن نافع ... ورجاله ثقات. كما قال محققو سير أعلام النبلاء.
وفي سير أعلام النبلاء أن الفضيل بن عياض كان شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس، وكان سبب توبته أنه عشق جارية، فبينا هو يرتقي الجدران إليها، إذا سمع تاليا يتلو: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم .. ) [الحديد: 16] فلما سمعها، قال: بلى يا رب، قد آن، فرجع، فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها سابلة، فقال بعضهم: نرحل، وقال بعضهم: حتى نصبح فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا.
قال: ففكرت، وقلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين هاهنا، يخافوني، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لارتدع، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام.
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[12 Jan 2009, 06:05 م]ـ
ما أجملها من وقفات أخي المبارك وتأملات تزيد المؤمن إيماناً ... فبارك الله فيك
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[12 Jan 2009, 07:57 م]ـ
جزاكم الله خيرا، ومشاركة:
ينقل عن عبدالله بن المبارك قوله:
" لو أن رجلا اتقى مائة شيء ولم يتورع عن شيء واحد،
لم يكن ورعا.
ومن كانت فيه خلة من الجهل كان من الجاهلين، ويستشهد بقول الحق تبارك وتعالى لنوح عليه السلام:
{فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي} (هود:45)
وقال الله عز وجل:
{إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (هود:46).أهـ
¥