[الوحدة البنائية للقرآن الكريم]
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[04 Feb 2009, 11:35 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فيطيب لي إخواني رواد الملتقى أن أرفع إلى جنابكم الموقر هذا البحث الذي اطلعت عليه بنشرة رابطة علماء المغرب لصاحبه: ذ. محمد الغرضوف
باحث في الفكر الإسلامي وحوار الأديان والحضارات.فارتأيت أن أطلع أساتذتنا ومشايخنا عليه من أجل إبداء الرأي.
العنوان: الوحدة البنائية للقرآن الكريم
يعكس البحث في القرآن الكريم -في الواقع- إشكالا مركزيا ضمن مجمل إشكالات المفاهيم القرآنية، وهو إشكال المنهج الكفيل باستخراج المفاهيم القرآنية بالشكل الذي يعكس القدرة الاستيعابية والقدرة التأطيرية للقرآن بالنسبة لكل المفردات التي تتحرك في الواقع البشري. وسؤال المنهج وإن كان سؤالا في الوسائل؛ فهو حديث بالضرورة في صلب المقاصد إذ هما وجهان لعملة واحدة وهي عملة المفهوم الإسلامي الذي يتطلب بناؤه المنهج الصحيح قبل الخوض في المضامين المتشعبة والمنتشرة على طول الآيات القرآنية الكريمة. وأعتقد جازما أن من أهم النظرات التي من شأنها إغناء منهج تفسيري قادر على استخراج المفاهيم القرآنية الصحيحة:"نظرية الوحدة البنائية للقرآن" [1]، وخلاصتها ذلك التماسك والترابط الشديد بين سور القرآن حتى لكأنه كلمة واحدة، وذلك عبر تماسك وترابط المفاهيم والقضايا التي تفيض بها هذه السور، ولا يمكن وفق هذه النظرية تصور أو إدراك بشكل سليم لأية قضية أو أي مفهوم إلا من خلال تحديد الموقع الديكارتي له [2]-إن جاز التعبير– بين المحور العمودي الخاص بالبناء العام للسورة من حيث أطروحتها المركزية أو مقصدها الأساسي الذي تدور عليه المفاهيم والقضايا المتضمنة داخل هذه السورة، والتي صيغت من حيث النظم والسياق والأسلوب لخدمة هذه الأطروحة بدعمها والاستدلال أو الحجاج لها أي بنائها مفهوميا، وبين المحور الأفقي الخاص بالبناء الموضوعي لهذه القضايا والمفاهيم عبر امتداداتها في السور والتي من خلال جمع جزئياتها المتفرقة يتم بناء الصورة العامة لهذه القضية أو هذا المفهوم.
وقبل إعطاء بعض التفاصيل المنهجية حول نظرية الوحدة البنائية للقرآن لا بأس من سرد لمجمل الإشكاليات العالقة في الدرس التفسيري وكذا بعض الحاجيات المعرفية الملحة بهذا الخصوص كتمهيد لما يمكن أن تعمل على حله "نظرية الوحدة البنائية للقرآن".
سنحاول في هذه الدراسة معالجة هذا الموضوع من خلال العناصر التالية:
أولا- إشكاليات عالقة في الدرس القرآني.
ثانيا- حاجيات معرفية ملحة في الدرس الاصطلاحي القرآني.
ثالثا- نظرية الوحدة البنائية للقرآن الكريم -خطوط عريضة– وسنعرض فيها لـ:
1 - مفهوم نظرية الوحدة البنائية للقرآن الكريم.
2 - منهج إنجاز نظرية الوحدة البنائية للقرآن الكريم.
3 - الخطاطة النظرية للوحدة البنائية للقرآن الكريم.
4 - منهجية القراءة البنائية للسورة.
5 - تصميم أولي لصياغة نظرية الوحدة البنائية للقرآن الكريم: "العرض البنائي".
خاتمة.
ملاحق: نماذج تخطيطية وتحليلية بنائية لبعض الآيات والسور.
أولا- إشكاليات عالقة في الدرس القرآني
عموما تتلخص هذه الإشكاليات التي يتعذر حلها في القريب العاجل في سؤال المنهج: منهج بناء المصطلحات والمفاهيم؟ ومنهج إدراكها واستيعابها وتطبيقها؟
ولعل أول هذه الإشكاليات: إشكالية العلاقة بين المصطلح والمفهوم:
هل العلاقة بين المصطلح والمفهوم تبنى على الإفراد أم التعدد بمعنى هل لكل مصطلح مفهوم ولكل مفهوم مصطلح وهذا هو الإفراد، أم أن لكل مصطلح مفاهيم ولكل مفهوم مصطلحات تعبر عنه وهذا هو التعدد.
بناء على ذلك هل صياغة المفهوم تتأسس على استعمالات المصطلح في سياقات معينة أم صياغته تتأسس على تركيب دلالات شبكة من المصطلحات؟
ثم متى يمكننا الحديث عن استقلال المفهوم لخصوصية الاصطلاح ومتى يمكن الحديث عن انفتاح المفهوم من حيث الدلالة على ضوء شبكة العلاقات؟
¥