نقد كتاب الدكتور عبد العظيم المطعني .. (1) إن أبا زيد القرشيِّ سبق أبا عبيدة التيمي.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[17 Dec 2008, 12:50 م]ـ
مسائل في المجاز (8) الردُّ على قول الدكتور عبد العظيم المطعني إن أبا زيد القرشيِّ سبق أبا عبيدة التيمي إلى ذكر المجاز
زعم د. المطعني في كتابه الذي طار به جل مثبتة المجاز كل مطار = أن أبا زيد القرشي سبق أبا عبيدة التيمي إلى القول بالمجاز؛ وأن قول ابن تيمية إن المجاز حدث بعد القرون الثلاثة الأولى خطأ , وقال د. المطعني: ولم نعثر على ترجمة لأبي زيد القرشي ولم يعثر غيرنا من قبل , ويبدو أنه لا طريق لمعرفته سوى كتابه ((جمهرة أشعار العرب)) , وقد اختلف المحدثون في عصره؛ فجرحى زيدان يرى أنه من أعلام القرن الثالث الهجري؛ ويرى سليمان البستاني مترجم إلياذة هوميروس أنه توفي عام 170هـ؛ ويقاربه في هذا الرأي بطرس البستاني؛ ومن اليقين أن أبا زيد من رجال القرن الثاني الهجري؛ لأن أبا زيد نفسه قد صرح في مقدمة كتابه المذكور بأنه سمع من المفضل بن محمد الضبِّي , والضبَّيُّ من رجال القرن الثاني بلا نزاع (1).
وقال: وأبو زيد هذا توفي عام 170 هـ , على الصحيح؛ لأنه تحديد قام عليه الدليل؛ ومؤدى هذا أن المجاز بمعناه الفني الاصطلاحي قد عرف خلال القرن الثاني عرف بلفظه , وعرف بمعناه؛ وهذا يقدح في صحة ما ذهب إليه الإمام ابن تيمية من أنه لم يعرف إلا بعد القرون الثلاثة الأولى (2) ,
وقال د. المطعني: تقدم أن أبا زيد القرشي فضلاً عن أنه تعرض لذكر المجاز بلفظه ومعناه؛ فإنه صرف كثيراً من النصوص عن ظواهرها؛ والمرجح أن أبا زيد توفي عام 170 هـ (3).
وقال: فأبو زيد القرشي , والرجح أنه توفي عام 170 هـ , ورد مصطلح المجاز عنده أكثر من مرة مضافاً إلى المعاني , ((مجاز المعاني)) ,والذي يرجح لدى الباحث أنه كان يقصد التصوير المجازي الذي استقر مفهومه فيما بعد (4).
وقال د. المطعني اشتهر بين الباحثين أن أول من استعمل كلمة المجاز هو أبو عبيدة؛ وهذا القول غير مسلَّمٍ به على إطلاقه؛ لأن أبا زيد القرشي , وهو أسبق وجوداً من أبي عبيدة , كان قد استعمل كلمة المجاز قبل أبي عبيدة؛ فأبو زيد على المرجح عام 170 هـ؛ وأبو عبيدة توفي عام 208 هـ فالذي ينسب إلى أبي عبيدة اشتهار المجاز , وليس أسبقية القول به , وإن كان استعمال أبي زيد لكلمة المجاز أدق من استعمال أبي عبيدة , فأبو زيد أطلقه على ما هو مجاز فعلاً , وأبو عبيدة أطلقه على غير ما هو مجازٌ إلا في النادر؛ وترجع أسباب الشهرة لأبي عبيدة؛ لأنه جعل المجاز عنواناً لكتاب وأكثر من ذكره عند شرحه للآيات كثيرة بلغت حدّ الاستفاضة؛ أما أبو زيد فلم يذكره إلا مرتين , فنسبت الشهرة للمكثر , وسلبت عن المقل (5) اهـ بلفظه.
وهذا أوان الفحص عن هذا الكلام وبيان خطأه:
1 - أبو زيد القرشي هو محمد بن أبي الخطاب , وكتابه جمهرة أشعار العرب هو كل ما بلغنا أحداً من المتقدمين روى عنه (6) , ولا ذكر من أنبائه شيئاً , ونقل أبو زيد القرشي عن أبي عبيدة التيمي بغير إسنادٍ في عشرة مواضع من جمهرة أشعار العرب (7) , وروى عنه بإسناده إليه في ثلاثة مواضع أخرى قال في أحدها: حدَّثنا سنيد , عن حزام بن أرطأة , عن أبي عبيدة (8) , وقال في الثاني: حدثنا سنيد عن أبي عبد الله الجهمي من ولد جهم بن حذيفة , عن أبي عبيدة , وذلك الموضع في بعض نسخ الجمهرة دون بعض (9) , وقال في الثالث: أخبرنا المفضل , عن علي بن طاهر الذهلي , عن أبي عبيدة (10) , وذكر أبو زيد القرشي في أول ((جمهرة أشعار العرب)) باباً في اللفظ ومجاز المعاني , وقال: وفي القرآن مثل ما في الكلام العربي من اللفظ المختلف ومجاز المعاني (11) , وذكر قبل تلك الكلمة كلاماً هو كله في أول مجاز القرآن لأبي عبيدة , وذكر بعدها أمثلة قريبة الشبه بالأمثلة التي ذكرت في خطبة مجاز القرآن لأبي عبيدة , بل منها أمثلة هي نفسها في مجاز القرآن لأبي عبيدة , وتلك الكلمة التي ذكرها أبو عبيدة في خطبة ((مجاز القرآن)) , أو كأنها هي , وقد أملى أبو عبيدة ((مجاز القرآن)) عدة مرات , فتعددت رواياته واختلفت نسخه (12) , فلعل تلك الكلمة كانت كذلك في نسخة أبي زيد القرشي من ((مجاز القرآن)) , أو لعل أبا زيد أدَّى تلك
¥