[فساد العلماء وأثره السيئ على الأمة]
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Jan 2009, 12:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا شك أن العلماء هم ورثة الأنبياء في العلم والعمل والبذل والجهاد، وهم صمام الأمان لدى الأمة إذا ما داهمتها الخطوب الجسام، هم الذين يُصلحون إذا فسد الناس ويتصدون للتيارات الجارفة بهم نحو الهلاك، هم القادة المصلحون الذين يقودون العباد والبلاد إلى بر السلامة والأمان، هم الطليعة الذين يتقدمون الشعوب نحو كل خير، ومحل ثقتهم وآمالهم.
لذا أمر الله تعالى بطاعة العلماء، وخصهم بالذكر في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}، وفي قوله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}، وفي قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلا}، فمِنْ أولي الأمر الذين تجب طاعتهم؟ .. إنهم العلماء.
ولعلماء الإسلام سلطان على الأرواح تخضع له العامة طواعية ورغبة، خضوعا فطريا لا تكلف فيه، لشعورهم بأن العلماء هم المرجع في بيان الدين، وهم لسانه المعبر حقا عن حقائقه والمبين لشرائعه، وهم حُراسه المؤتمنون على بقائه، والورثة الحقيقيون لمقام النبوة.
هذا هو دور العلماء، وهكذا كانوا، وهكذا يجب أن يكونوا.
ولكن عندما يرضى العالِم لنفسه خلاف ذلك، فيصبح من ورثة الشياطين بدلا من أن يكون ضمن ورثة الأنبياء؛ يرضى أن يكون بوقا للظالمين؛ يبرر ظلمهم ويزينه في أعين الناس، يلبس الحق بالباطل، يقول ما لا يفعل ويفتي بما لا يعلم .. فإنه مباشرة يفقد دوره الريادي القيادي المناط به، ليصبح من الذين ضلوا وأضلوا ...
إن فساد الحكام أهون على المسلمين من فساد العلماء، وما أجمل قول ابن النحاس في كتابه القيّم "تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين"، حيث بين أن ترك العلماء للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يترتب عليه فساد كبير عريض ... قال رحمه الله تعليقاً على قول الله تعالى: {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ .. }: (دلَّت الآية على أنَّ تاركَ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عنِ المنكرِ كمُرتكبِه!، والآية توبيخ للعلماء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - كما قاله القرطبي -، وتاللهِ إنهم لَأَهلٌ لكلِّ توبيخٍ فأنى يَصلُح الناسُ والعلماء فاسدون؟!، أم كيف تعظم المعصية في قلوب الجاهلين والعلماء بأفعالهم وأقوالهم لم ينهوهم عنها؟!، أم كيف يرغب في الطاعة والعلماء لا يأتونها؟!، أم كيف يتركون البدعَ والعلماءُ يرونها فلا ينكرونها؟! -)
إلى أن قال -: (وأما في زماننا هذا فقد قيَّد الطمع ألسن العلماء فسكتوا إذْ لَم تساعد أقوالهم أفعالهم، {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ}، فإذا نظَرنا إلى فسادِ الرعية وجدنا سببه فساد الملوك، وإذا نظرْنا إلى فساد الملوك وجدنا سببه فساد العلماء والصالحين، وإذا نظرنا إلى فساد العلماء والصالحين وجدنا سببه ما استولى عليهم من حبِّ المالِ والجاهِ وانتشارِ الصِّيِتِ ونَفَاذِ الكلمة ومداهنة المخلوقين وفساد النيات والأقوال والأفعال) انتهى.
ورحم الله ابن المبارك إذ يقول:
وهل أفسدَ الدينَ إلا الملوكُ وأحبارُ سُوءٍ ورُهبانُهَا
ـ[أبو المهند]ــــــــ[12 Jan 2009, 10:07 م]ـ
.
يقول أبو بكر الوراق: «الناس ثلاثة: العلماء، والأمراء، والقراء، فإذا فسد الأمراء فسد المعاش، وإذا فسد العلماء فسدت الطاعات، وإذا فسدت القراء فسدت الأخلاق» شعب الإيمان للبيهقي.