تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[واقع بعض دروس التفسير المعاصرة]

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[02 Feb 2009, 05:02 م]ـ

إن مما لا يخفى على من نظر في الساحة العلمية المعاصرة ما تحظى به من تعدد الملقين من الشيوخ وطلاب العلم الكبار، ومن المشاركين لهم في بعض فنون العلم ممن لهم في العلم شيء لا بأس به.

وإنني بصدد الحديث عن مشكلة تتكرر، وهي أن بعض من تخصَّص في علم ما تراه فجأة ممن صار يُعنى بالتفسير، وإذا به يفتح فيه حلقة أو ينشر فيه برنامجًا.

وترى آخر يأخذ كتابًا في أحد مجالات علوم القرآن فيشرحه للطلاب، وإذا به ينحو به إلى العلم الذي برع فيه، ولا ترى فيه تحقيقًا في أصل مسائل العلم التي عُني بها مؤلف الكتاب.

وآخر لا تراه إلا مرددًا عبارة: (فيه قولان)، حتى صارت كل مسألة عنده لا تخرج عن كونها فيها قولان مكتفيًا بعرضهما، ومعرضًا عن تحريرهما.

إن الذين يمكنهم الجمع بين العلوم قلَّة، وإن من احترام الإنسان لذاته، ومن احترامه لطلابه أن لا يذهب بهم كل مذهب في العلوم بدعوى التفنن.

وإن الساحة العلمية اليوم ـ ولله الحمد ـ مليئة بالمتخصصين، وإن علينا أن نبعث فيهم روح تدريس هذا العلم الذي تخصصوا فيه، وأن يكونوا مقصدًا للطلاب بدل أن نراهم منشغلون في غير ما تخصصوا فيه.

وأعود إلى من بدأت حديثي فيهم، فأقول:

إن مما يؤسف عليه أن يخرج من له شعبية وقبول بدرس تفسير، وتجد عليه ملاحظات من الجهة العلمية، وذلك لأسباب متعددة، منها:

ـ ضعف التحضير، وعدم اكتمال المعلومة التي يريد المتحدث أن يبسط الحديث فيها، فتراها تخرج هزيلة مفككة لا روح فيها.

ومنها الاعتداد بالنفس بالقدرة على الإلقاء، والاكتفاء بذلك في تزيين الدرس بهذه القدرة، حتى لا تكاد ترى ما يفيد في درس يستمر ساعة تلو أخرى.

ـ وإن من أكبرها عدم معرفة منهجية التفسير، وعدم التمييز بين القول المقبول والقول المرذول، وبين القول الصحيح والقول الشاذ الضعيف.

ـ ومنها الاعتراض على قول سائر معروف، قال به كبار الصحابة والتابعين وأتباعهم، وصار قولاً لجمهور الخالفين، حتى لا يكاد يُذكر غيره.

ومنها الاستطراد العجيب في ذكر مسائل ثقافية لا علاقة للآية بها من قريب ولا من بعيد، اللهم إلاَّ أنه ذُكِر فيها ذلك اللفظ، فترى هذا الذي تعرض للتفسير يجر الكلام إلى أمور تتعلق بهذه اللفظة، وهو كلام ثقافي وليس كلامًا في معنى الآية وتحرير اللفظة فيها.

وإن هذا الخلط العجيب الذي أراه بدأ يبرز في الساحة العلمية يحتاج منا إلى وقفات:

الأولى: إلى أولئك الذين منَّ الله عليهم بالجمهور المحبِّ لهم، المتقبِّل منهم، أقول: اتقوا الله في التفسير، فإنما هو الرواية عن الله.

وأقول: إن الإعداد الجيد للدرس، وعدم الذهاب إلى المخالفات والشذوذات، وعدم الاستطرادات الغريبة التي لا علاقة للآية بها هو من أكبر سبل نجاح الدرس.

ولا يكن في حسِّك أن تقدم ما لم يأت به الأوائل، فإن وجود هذا في حسِّ العالم وطالب العلم يشغله عن فهم العلم إلى البحث والتنقيب عن الغريب، حتى يقع في شذوذات ومخالفات، والجادة الجادة تسلموا.

إن من الخسارة العظيمة أن ترى هذا الجمهور العريض يستمع إلى أخطاء علمية لا يمكن تقويمها عندهم لثقتهم بمن يلقيها إليهم، وإن من الخسارة أيضًا أن تتجه بوصلة بعض الفضلاء إلى ما لا يحسنون، ويتركون ما يحسنون، ولهم فيه أثر ظاهر، فالله الله في أن يعرف كل واحد منَّا ما يحسن، ويجتهد فيه ليفد أمته.

إن التخبط الذي يُنعى على المبتدئين في طلب العلم، والذين يعبِّر عنهم بعض العلماء بأنهم ذوَّاقون كثيرو التنقل قد يقع عند بعض الدعاة والوعاظ والبارعون في علم ما، فتراهم يتجهون إلى تدريس علم من العلوم بدعوى: أريد أن أستفيد!

إن التدريس في الهواء الطلق أمام جمهور الناس ليس هو مجال الاستفادة، وإنما مجالها المدارسة الخاصة مع بعض الطلاب.

وإذا كان هؤلاء قد انصبوا إلى هذا الشأن، وفتحوا دروس التفسير، فما بال من يُعدُّ من المتخصصين يقصِّر في أداء هذه المهمة، ولا ترى له أي نشاطٍ علمي في مجال تخصصه؟!

الثانية: إلى المتخصصين، فأقول: إن من أسباب بروز مثل هذه الظاهرة عزوف كثير من المتخصصين عن التصدي للعامة، وإقامة الدروس والمحاضرات والدورات والندوات.

إننا أمام مشكلة تحتاج إلى دراسة ومدارسة، وتستدعي النظر والتفكير في كثير من الدروس التي تقام في العلم الشرعي سواء أكان في التفسير أم في غيره.

وللحديث بقية في شأن آخر من هموم المتخصصين، والله الموفق والمعين.

ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[02 Feb 2009, 07:37 م]ـ

سلمت يمينك أبا عبد الملك , ولا أدري لم هذه الجرأة على هذا العلم على الخصوص , بينما لا ترى متكلماً يجازف في الحديث عن مسألة عقدية أو حديثية متخصصة ليس هو من أهل تحقيقها!!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير