[إخوانكم من الجن!]
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[19 Jan 2009, 03:04 م]ـ
عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَفَقَدْنَاهُ، فَالْتَمَسْنَاهُ في الأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ، فَقُلْنَا اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ، - قَالَ - فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلِ حِرَاءٍ - قَالَ - فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ. فَقَالَ: «أتاني دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ». قَالَ: فَانْطَلَقَ بِنَا، فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ، وَسَأَلُوهُ الزَّادَ فَقَالَ: «لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا، وَكُلُّ بَعَرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «فَلاَ تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ». هذا لفظ مسلم. وفي لفظ الترمذي، والنسائي في الكبرى، وابن حبان: "فإنه زاد إخوانكم من الجن".
لقد استوقفتني الجملة الأخيرة من هذا الحديث الشريف كثيراً، وبقيت أتأمل في التعليل النبوي للنهي عن الاستنجاء بالعظم! وتردّدتْ في نفسي تساؤلات كثيرة: أين هؤلاء الإخوة الذين لا نكاد نعرفهم إلاّ بالاسم فقط؟! بل ولا يمكن أن نراهم في هذه الدنيا: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ). [الأعراف:27]! ثم .. هل انتهت الأطعمة التي على وجه الأرض مما يقتات منه إخواننا من الجن، ولم يبق إلاّ هذه العظام حتى ننهى عنها؟!
إن القصد من هذا كله ـ بلا ريب ـ أمور، من أعظمها: ترسيخُ هذا الأصل المتين بين المؤمنين، أصل الأخوة والشعور بالجسد الواحد، حتى وإن كان بعضهم قد لا يرى الآخر! بل حتى ولو كان لا يستفيد منه شيئاً يُذكر، اللهم إلاّ الدعاء والاستغفار. فإذا كان في من لا نراهم دائماً ـ وهم مؤمنو الجن ـ فكيف سيكون حق إخواننا المؤمنين من بني آدم؟! وهل انتهت قصة العلاقة الإيمانية عند هذا الحدّ؟ كلا .. بل لقد شمختْ وتسامتْ وارتفعتْ لتتصل بمؤمني أهل السماء!
تدبر معي ما ذكر الله تعالى عن طائفة من خواصّ ملائكة السماء، إنهم حملة العرش ومن حوله، حينما انطلقت دعواتهم ـ ولا تزال إلى يوم القيامة ـ لإخوانهم المؤمنين من أهل الأرض! يقول جل في علاه: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). [غافر: 7 - 8].ويقول تعالى: (وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). [الشورى:5].
فتأمل في هذه الرابطة العظيمة التي ربطت بين حملة العرش ومن حوله، وبين بني آدم في الأرض حتى دعوا الله لهم هذا الدعاء الصالح العظيم! إن هذين النصين الكريمين يستحقان أن نقف معهما كثيراً؛ لنراجع أنفسنا في طريقة تعاملنا مع إخواننا الذين يجمعنا معهم وصف الإيمان! فكيف بمن تجمعنا معهم روابط أخرى غيرها؟!
تأمل في أثر هذه الرابطة الإيمانية في تنمية الحس الاجتماعي: "زاد إخوانكم من الجن"! وتأمل في أثرها الذي ظهر في هذا اللهج الدائم بالدعاء لإخوانهم، الذين لولا الوحي لما علمنا بهذه الدعوات الطيبات. فأين أثر هذه الرابطة على حياة المؤمنين؟ أين أثرها الاجتماعي؟ وأين أثرها الإيماني؟! في الميدان نماذج مشرقة ـ ولله الحمد ـ يسرّ بها المؤمن، ولكن فيه ـ أيضاً ـ نماذج محزنة، وهي كثيرة، مجانفة لما يقتضيه وصف الإيمان: من المحبة، والمودة، والتراحم، والتناصح، والدعاء الصادق لإخوانهم بالسداد والتوفيق، فهل من مدّكر؟!
ينظر: http://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-43-105915.htm
ـ[نواف الحارثي]ــــــــ[19 Jan 2009, 04:03 م]ـ
شكر الله لكم ياشيخ عمر
الإسلام دين تكامل وتكافل حتى تعدى بالإحسان إلى الحيوان! ألم يخبر الرسول عليه الصلاة والسلام عن المرأة التي دخلت الجنة لما سقت كلبا؟ وأخبر عن المرأة التي حبست الهرة حتى ماتت فدخلت النار! (وفي كل كبد رطبة أجر) فهذه عجماوات فكيف بالمؤمنين عموما من الإنس والجن؟ وكيف بالأقربين خصوصا؟
بل ومن روابط هذا الدين (والذين جاءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا) فالمؤمن يدعوا بهذه الدعوات للمؤمنين منذ آدم عليه السلام ... وكذلك الدعاء للميت ففيه دعوات لكل المؤمنين ..
إن التعامل الأمثل مع الجميع هو تطبيق حديث (وأن تأتي إلى الناس بما تحب أن يؤتى إليك) وحديث (وحتى يحب لأخيه وجاره ما يحب لنفسه) ولو سرنا على هذا النهج النبوي لتغيرت أمور كثيرة في حياة المسلمين.
والكل يعلم أن أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق كما جاء عن الحبيب عليه السلام
وبعض المسلمين يتعامل بمكيالين فهو يريد أن يعامله الناس بمعاملة لايعامل هو بها الناس!! فعسى ألا يكون داخلا في قوله تعالى (ويل للمطففين ...... ).
نسأل الله أن يرزقنا جميعا استشعار إخوة الدين كم اسأله أن يرزقنا حسن الخلق (اللهم كما أحسنت خلْقي فأحسن خلُقي)
¥