وختم بقوله: ((وهذا الإيراد للمجاز بمعناه الاصطلاحي في هذه البيئات المختلفة؛ الأدباء، واللغويون، والمحدثون، وعلماء الشريعة - يدل على أنه كان مشهورا في القرن الثالث لا سيما في المنتصف الأول منه)).
قلتُ: نحن لا ننفي ورود المجاز على لسان هؤلاء،بعد شيوعه على لسان الجاحظ ومن بعده وسطوة اللفظ والتقسيم وتلقي العقول السنية له ليس بمستنكر فقد نُقب النقب.
ولذا فالذي ادعاه نفاة المجاز عدم وجود هذا اللفظ قبل المعتزلة ومنظريهم وسلامة القرون الثلاثة الأول والأئمة الأربعة،وطبقتهم = منه.
وإن كنت أستشعر من سياق الدكتور وحرصه على إثبات وجود المجاز في القرن (المئوي) الثالث = أنه أخطأ في فهم مراد أهل العلم عموماً ونفاة المجاز خصوصاً من عبارة: ((القرون الثلاثة)) .. فالمراد بلفظ القرن في تلك العبارة في كلام أهل العلم وفي كلام النبي صلى الله عليه وسلم = القرن أي الجيل من الناس وليس القرن الذي هو (مئة عام) فهذا اصطلاح متأخر.
فالقرون الثلاثة: هم الصحابة والتابعون وأتباعهم. فليتنبه وليُجعل هذا مثالاً على خدعة الشيوع والمتبادر للذهن.
14 - تطرق الدكتور لنفي نسبة القول بنفي المجاز عن جماعة ممن نُسب إليهم ذلك، ولا أحب التعرض لذلك فليس مع الدكتور في نفيه علم يُرد عليه، وليس معنا في إثبات نسبة القول لهم إلى تتابع النقل عنهم تتابعاً نطمئن إلى ثبوت النقل به عنهم.
15 - تطرق الدكتور لشيخ الإسلام وحاول حصر دافع الشيخ في الدافع العقدي وهذا خطأ محض والمتأمل في كلام الشيخ وربطه بين مثبتة المجاز وبين الأصول اللغية للمسألة يعلم أن الشيخ يُبطل المجاز في نفسه بقطع النظر عن أثره العقدي .. وما نقله الدكتور عن الشيخ بواسطة القاسمي سبق إبطاله.
16 - تطرق الشيخ للأصول العقدية التي تيسر الجمع بين ثبوت المجاز وبين النجاة من توسل المبتدعة به إلى بدعهم. وهنا فقط أحب أن أشير لشئ مهم تجمعه نقاط خمس:
الأولى: إنكار القسمة لمجرد منع توسل أهل البدع بها لمراميهم = غير صحيح.
الثانية: لا يلزم مثبتة المجاز غبش بدع من جمع إلى إثبات المجاز التوسل به إلى بدع الصفات والمنزلة بين المنزلتين.
الثالثة: إنفكاك إثبات القسمة عن البدع المبنية عليها أحياناً لا يمنع جعل إثبات القسمة من أصول أهل البدع. لكن لا من جهة مجرد إثبات القسمة وإنما من جهة إثبات القسمة وتطبيقها على النصوص والمسائل المعينة.
الرابعة: هذا التقسيم باطل في نفسه ومن ناحية الأسس العلمية، والمنهج العلمي = بقطع النظر عن الدوافع الكلامية التي كانت وراءه والقضايا العقدية التي بنيت عليه.
الخامسة وهي أهم النقاط: صورة النعامة تدس رأسها في الرمال= هي أصدق الصور المعبرة عن من يغفل أو يتغافل عن أن شيوع فكرة التقسيم بقوانينها كان على يد الجاحظ وأن أهم قوانينها وتعريفاتها صاغته يد أبي الحسين البصري المعتزلي، وأن الذي أكمل العمل عبد القاهر الجرجاني الذي لم يخرج من جرجان وكانت دراسته على يد ابن أخت أبي علي الفارسي المعتزلي، وأن هذه الفكرة بقوانينها لا أثر لها عبر مائتي عام من عمر هذه الأمة.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[15 Dec 2008, 04:32 م]ـ
ليس من عادتي أن أعلق على مثل هذه المواضيع، غير أنني أود فقط القول إن هذا النقد برأيي يعتني بالأمور الشكلية عوض العمق في التحليل.
ـ[أبو محمد البدري]ــــــــ[15 Dec 2008, 06:07 م]ـ
يا أبا فهْر:
رويدكَ ... رويدك ..
الدكتور عبدالمحسن متخصصٌ تخصصاً أكاديميا في اللغة العربية ولا سيما علم البلاغة ومهتم به من قديم الزمان، ولا يخفى على ذي لب أن علم البلاغة قائم على عَدَداً ودرسها دراسة عميقة، ولم يخرج هذا البحث ولم يصل إلى هذه النتيجة إلا بعد جهد وعناء.
فلا تظنَّ أن ما طرحه في المحاضرة هو وليدُ بحثِ يومٍ وليلة.
وفقكَ الله.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[15 Dec 2008, 07:21 م]ـ
الأستاذ محمد بن جماعة لو لم تُعلق لكان أسلم لك من الزلل، أما عن العمق فأمسك عن بيان رأيي حياء .. ولعلي أبديه بعدُ ..
الفاضل أبا محمد البدري ..
ما ذكرتَه ليس بخاف علي .. ولكنه لا يعصم الدكتور ولا من هو أعلم منه .. ولا يمنعني من بيان الحق ولا يمنع من هو أجهل مني ..
والحق إنما يتقرر بالحجة والبرهان لا بالدعوى والطيلسان ...
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[15 Dec 2008, 11:23 م]ـ
بارك الله فيك يأبو فهر - رفعتك لانك تستحق الرفع ولو غضب أهل العربية -
نشهد الله على حبك فيه ولم نعرفك إلا في هذا الملتقى المبارك، وما تكتبه دائما يدل على علم وافر ومعدن طيب، وما أظن الدكتور العسكر يغضب مما كتبت، ولو رد عليك ما تجاوز في رده، وأقول غفر الله لأخينا محمد بن جماعة - وهو صاحب علم وأدب - فقد تعجل في رده
جمعنا الله على ما يرضيه وجنبنا مساخطه، ونعوذ به من زلل اللسان وسقطاته
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[15 Dec 2008, 11:38 م]ـ
بارك الله فيك يأبو فهر - رفعتك لانك تستحق الرفع ولو غضب أهل العربية -
نشهد الله على حبك فيه ولم نعرفك إلا في هذا الملتقى المبارك، وما تكتبه دائما يدل على علم وافر ومعدن طيب، وما أظن الدكتور العسكر يغضب مما كتبت، ولو رد عليك ما تجاوز في رده، وأقول غفر الله لأخينا محمد بن جماعة - وهو صاحب علم وأدب - فقد تعجل في رده
جمعنا الله على ما يرضيه وجنبنا مساخطه، ونعوذ به من زلل اللسان وسقطاته
آمين، آمين، آمين ..
وما رايكم في العودة إلى صلب الموضوع الآن، بالتركيز على الآراء فقط؟
فما زلت أرغب (بصدقٍ) في الاستفادة منكم في هذا الموضوع.
¥