حذفت ياء (اتبعني) في هذين الموضعين؛ لأنه من يكون مع الرسول، ويحمل صفته في إسلام وجه لله، أو يعمل عمله في الدعوة إلى الله، ويضمه الله إلى جانب رسوله في مخاطبة المشركين؛ لا يكون إلا دائم الإتباع للرسول صلى الله عليه وسلم، ومستمر على دين الله، سواءً أكان المتبع له في حياته، أو في أي عصر كان بعد مماته. وظل التابعون من هذه الأمة على اتباعهم لدعوة نبيهم عليه الصلاة والسلام، بينما انقطعت دعوة الأنبياء من قبله، أو أبدلت بما هو غريب عنها.
4 - دعان: حذفت ياء دعاني في موضع وحيد:
في قوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) البقرة.
كان حذف ياء (دعائي) علامة على أن الدعاء المستجاب من الله تعالى هو لمن دام توجهه إلى الله تعالى، واستمر في لجوئه إليه، ولذلك يحب الله تعالى من عبده الإلحاح في الدعاء؛ لأن ذلك من علامات صدق استمرار اللجوء إلى الله عز وجل. والاستجابة من الله عندئذ محققة؛ إما بتعجيل طلبه، أو صرف السوء عنه، أو تأخير أجره ليوم القيامة؛ ما لم يعجل الإجابة، أو كان في دعائه إثم أو قطيعة رحم.
5 - أشركتمون: حذفت ياء أشركتموني في موضع وحيد؛
في قوله تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ ..... إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) إبراهيم.
حذفت ياء (أشركتموني) في هذا الموضع لأن الذي استمر على إشراكه بالشيطان؛ هو الذي حشر معه في نار جهنم، وأما الذي لم يشرك به، أو انقطع إشراكه به؛ فقد نجا وفاز بالجنة.
فالشيطان يخاطب الذين داموا على إشراكهم به، ولا يخاطب المنقطعين عن إشراكهم به، أو الذين لم يشركوا به من قبل. .
6 - كذبون: حذفت ياء كذبوني في ثلاثة مواضع؛
في قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26)، (39) المؤمنون.
وفي قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) الشعراء.
وقد حذفت ياء (كذبوني) في المواضع الثلاثة؛ لأن دعوة نوح وهود عليهما السلام على قوميهما في هذه المواضع كان بعد طول تكذيب لهما، واستمرارهم على تكذيبهما.
7 - أكرمن: حذفت ياء أكرمني في موضع وحيد؛
في قوله تعالى: (فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) الفجر
حذفت ياء (أكرمني) لأن القائل يقصد إكراماً دائمًا مستمرًا له من الله؛ بسبب طول التنعم بعطاه الله له، ولا يتوقع زوال النعمة عنه.
8 - أهانن: حذفت ياء أهانني في موضع وحيد؛
في قوله تعالى: (وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) الفجر.
حذفت ياء (أهانني) لأن القائل يقصد إهانة دائمة مستمرة له؛ بسبب طول التقطير عليه، وضيق العيش، ويائس من سعة في الرزق تفرج عنه.
9 - هدان: حذفت ياء هداني في موضع واحد؛
في قوله تعالى: (وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (80) الأنعام.
حذفت ياء (هداني) في الموضع الأول من الأنعام لأن محاججة قوم إبراهيم عليه السلام له كانت في طريق الهداية الذي يستمر في السير عليه، وقد جاء قبلها: (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (79) الأنعام.
وأثبتت ياء هداني في موضعين:
في قوله تعالى: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (161) الأنعام.
وكان إثباتها في هذا الموضع؛ لأن الحديث فيها عن هداية جديدة، وليس الاستمرار على هداية قائمة قبل النبوة، وإن كانت هي ما كان عليه إبراهيم عليه السلام، لكن الذين أرسل إليهم كانوا مشركين بالله، وعبادًا للأصنام.
وثبتت في قوله تعالى: (أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنْ الْمُتَّقِينَ (57) الزمر.
وكان إثباتها في هذا الموضع؛ لأن الحديث فيها عن هداية لم يتخذها سبيلا، أو انقطع عنها ولم يستمر عليها، وقد انقطعت بانقطاع الدنيا؛ فتحسر على ما فرط فيها كما جاء في الآية السابقة لها: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ (56)، وتمنى لو أن الله هداه لكان من المتقين، أي تمنى لو أن أمره في الدنيا انتهى على هدى، وكان من المهتدين المتقين، أما في الآخرة فكل واحد قد رأى صدق ما وعد به من قبل، وبصره يومئذ حديد.
هذه الأفعال التسعة التي حذفت فيها ياء المتكلم الزائدة المتصلة بالفعل الماضي.
وبعدها إن شاء الله تعالى؛ الأفعال التي حذفت في ياء المتكلم الزائدة المتصلة بالفعل المضارع.
أبو مُسْلِم/ عبْد المَجِيد العَرَابْلِي