تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

{وَإِذَا تُتْلَى? عَلَيْهِمْ ءَايَ?تُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ?ئْتُواْ بِآبَآئِنَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} * {قُلِ ?للَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى? يَوْمِ ?لْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَلَـ?كِنَّ أَكْثَرَ ?لنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}

وأترككم تتأملون كلام الفخر الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب، قال ما نصه:

واعلم أنه تعالى حكى عنهم بعد ذلك شبهتهم في إنكار القيامة وفي إنكار الإله القادر:

- أما شبهتهم في إنكار القيامة فهي قوله تعالى: {وقالوا ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا} فإن قالوا الحياة مقدمة على الموت في الدينا فمنكرو القيامة كان يجب أن يقولوا نحيا ونموت، فما السبب في تقديم ذكر الموت على الحياة؟ قلنا فيه وجوه الأول: المراد بقوله {نموت} حال كونهم نطفا في أصلاب الآباء وأرحام الأمهات، وبقوله {نحيا} ما حصل بعد ذلك في الدينا الثاني: نموت نحن ونحيا بسبب بقاء أولادنا الثالث: يموت بعض ويحيا بعض الرابع: وهو الذي خطر بالبال عند كتابة هذا الموضع أنه تعالى قدم ذكر الحياة فقال: {وقالوا ما هى إلا حياتنا الدنيا} ثم قال بعده: {نموت ونحيا} يعني أن تلك الحياة منها ما يطرأ عليها الموت وذلك في حق الذين ماتوا، ومنها ما لم يطرأ الموت عليها، وذلك في حق الأحياء الذين لم يموتوا بعد.

- وأما شبهتهم في إنكار الإله الفاعل المختار، فهو قولهم {وما يهلكنا إلا الدهر} يعني تولد الأشخاص إنما كان بسبب حركات الأفلاك الموجبة لامتزاجات الطبائع، وإذا وقعت تلك الامتزاجات على وجه خاص حصلت الحياة، وإذا وقعت على وجه آخر حصل الموت، فالموجب للحياة والموت تأثيرات الطبائع وحركات الأفلاك، ولا حاجة في هذا الباب إلى إثبات الفاعل المختار، فهذه الطائفة جمعوا بين إنكار الإله وبين إنكار البعث والقيامة.

ثم قال تعالى: {وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون} والمعنى أن قبل النظر ومعرفة الدليل الاحتمالات بأسرها قائمة، فالذي قالوه يحتمل وضده أيضا يحتمل، وذلك هو أن يكون القول بالبعث والقيامة حقا، وأن يكون القول بوجود الإله الحكيم حقا، فإنهم لم يذكروا شبهة ضعيفة ولا قوية في أن هذا الاحتمال الثاني باطل، ولكنه خطر ببالهم ذلك الاحتمال الأول فجزموة به وأصروا عليه من غير حجة ولا بينة، فثبت أنه ليس علم ولا جزم ولا يقين في صحة القول الذي اختاروه بسبب الظن والحسبان وميل القلب إليه من غير موجب، وهذه الآية من أقوى الدلائل على أن القول بغير حجة وبينة قول باطل فاسد وأن متابعة الظن والحسبان منكر عند الله تعالى.

ثم قال:

قال تعالى: {قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة} فإن قيل هذا الكلام مذكور لأجل جواب من يقول {ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر} فهذا القائل كان منكرا لوجود الإله ولوجود يوم القيامة، فكيف يجوز إبطال كلامه بقوله {قل الله يحييكم ثم يميتكم} وهل هذا إلا إثبات للشيء بنفسه وهو باطل، قلنا إنه تعالى ذكر الاستدلال بحدوث الحيوان والإنسان على وجود الفاعل الحكيم في القرآن مرارا وأطوارا.

فقوله ها هنا {قل الله يحييكم} إشارة إلى تلك الدلائل التي بينها وأوضحها مرار، وليس المقصود من ذكر هذا الكلام إثبات الإله بقول الإله، بل المقصود منه التنبيه على ما الدليل الحق القاطع في نفس الأمر.

ولما ثبت أن الإحياء من الله تعالى، وثبت أن الإعادة مثل الإحياء الأول، وثبت أن القادر على الشيء قادر على مثله، ثبت أنه تعالى قادر على الإعادة، وثبت أن الإعادة ممكنة في نفسها، وثبت أن القادر الحكيم أخبر عن وقت وقوعها فوجب القطع بكونها حقة.

وأما قوله تعالى: {ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه} فهو إشارة إلى ما تقدم ذكره في الآية المتقدمة، وهو أن كونه تعال، عادلا خالقا بالحق منزها عن الجور والظلم، يقتضي صحة البعث والقيامة.

ثم قال تعالى: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} أي لكن أكثر الناس لا يعلمون دلالة حدوث الإنسان والحيوان والنبات على وجود الإله القادر الحكيم، ولا يعلمون أيضا أنه تعالى لما كان قادرا على الإيجاد ابتداء وجب أن يكون قادرا على الإعادة ثانيا.

اهـ المراد نقله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير