شكر الله للشيخ العبيدي على هذه الرسائل الدعوية و التربوية من خلال الآيات القرآنية ... كان من المنتظر أن نجعل حبيبنا صلى الله عليه و سلم فى مقدمة هؤلاء - بأبى هو و امى - فلقد وصفته عائشة - رضي الله عنها - بأنه قرآن يمشى
و السلام
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Nov 2009, 11:23 ص]ـ
جاء في ترجمة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أن ابنه صالحاً قال: (وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: لَقَدْ جَعَلتُ المَيِّتَ فِي حِلٍّ مِنْ ضَربِه إِيَّايَ.
ثُمَّ قَالَ: مَرَرْتُ بِهَذِه الآيَةِ: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ، فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ} [الشُّورَى: 40]،فَنَظَرتُ فِي تَفْسِيْرهَا، فَإذَا هُوَ مَا أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بنُ القَاسِمِ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ الحَسَنَ يَقُوْلُ: إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ، جَثتِ الأُمَمُ كُلُّهَا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ رَبِّ العَالِمِيْنَ، ثُمَّ نُودِيَ أَنْ لاَ يقومَ إِلاَّ مَنْ أَجرُه عَلَى اللهِ، فَلاَ يَقومُ إِلاَّ مَنْ عَفَا فِي الدُّنْيَا.
قَالَ: فَجَعَلتُ المَيِّتَ فِي حِلٍّ.
ثُمَّ قَالَ: وَمَا عَلَى رَجُلٍ أَنْ لاَ يُعَذِّبَ اللهُ بِسَبِبِهِ أَحَداً.) انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء للذهبي
ومن جميل الوصايا ما أورده ابن الجوزي في صفة الصفوة عن يونس بن عبد الأعلى أنه قال: (قال لي الشافعي: يا يونس إذا بلغك عن صديق لك ما تكرهه فإياك أن تبادره بالعداوة وقطع الولاية فتكون ممن أزال يقينه بشك، ولكن القه وقل له بلغني عنك كذا وكذا، واحذر أن تسمي له المُبلِّغ، فإن أنكر ذلك فقل له أنت أصدق وأبر لاتزيدن على ذلك شيئا، وإن اعترف بذلك فرأيت له في ذلك وجها لعذر فأقبل منه، وإن لم تر ذلك فقل له ماذا أردت بما بلغني عنك، فإن ذكر ماله وجه من العذر فاقبل منه، وإن لم تر لذلك وجها لعذر وضاق عليك المسلك فحينئذ أثبتها عليه سيئة ثم أنت في ذلك بالخيار إن شئت كافأته بمثله من غير زيادة وإن شئت عفوت عنه، والعفو أقرب للتقوى وأبلغ في الكرم لقول الله تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله} .. ) انتهى من صفة الصفوة.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[04 Nov 2009, 03:01 م]ـ
روى البخاري عن عبد الله بن مسعود قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم "اقرأ علي" قلت: يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك أُنزلَ؟ قال: "نعم، إني أحب أن أسمعه من غيري" فقرأت سورة النساء، حتى أتيت إلى هذه الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} قال: "حسبك الآن" فإذا عيناه تَذْرِفَان.
وهذه الصورة عن أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم تعطينا الصورة الأكمل والأمثل للتأثر بالقرآن، وهي حالة من التأثر تشمل القلب والفكر والجوارح بحيث لا يبقى مجال للنفس أن تنشغل بشيء آخر، وفي نفس الوقت يبقى معها الترابط النفسي حاضرا ولا يخرج بصاحبها عن المألوف.
وهذا النوع من التأثر جاء ذكره في القرآن عند الحديث عن المؤمنين من أهل الكتاب في قوله تعالى:
(وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84)) سورة المائدة
والآية تشير إلى الاتزان والترابط النفسي لهؤلاء المؤمنين وانعاكس أثر القرآن في نفوسهم إلى ترجمة عملية لإيمانهم.
ومثله قول الله تعالى:
(قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)) سورة الإسراء
نعم قد يشتد وقع آيات القرآن وما تحمله من معاني على النفس فيكون لها أثر مختلف، كما جاء في صحيح مسلم:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ
{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}
الْآيَةَ وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام
{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي وَبَكَى فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ وَهُوَ أَعْلَمُ فَقَالَ اللَّهُ يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ.
ومثله أيضا:
ما رواه أبو دواد في سننه:
عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الرَّحَى مِنْ الْبُكَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
اللهم اكتب لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك.
¥