أما إثبات الياء في قوله تعالى: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150) البقرة
فلأن طلب الخشية فيها كان طلبًا في مسألة واحدة؛ هي التوجه إلى القبلة الجديدة؛ أي إلى المسجد الحرام بدلاً من المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى، والخشية تكون في بداية الأمر، ولما يستقر المسلمون على قبلتهم الجديدة؛ ينتهي الحديث في تغيير القبلة، ويصبح التوجه إلى غيرها هو الأمر المستغرب، وكان أثر هذا الحدث أثرًا محدودًا انتهى سريعًا؛ فلمحدودية الحدث أثبتت الياء.
وكان هذا التوجه الجديد حديث المنافقين، وأهل الكتاب خاصة، فجاء الطلب بخشية الله وعدم الالتفات إلى كلام أهل الكتاب والمنافقين، ومر الحدث، وأصبحت القبلة الجديدة هي قبلة المسلمين منذ ذلك اليوم.
5 - فاعبدون: ذكرت أربع مرات وحذفت الياء في ثلاث منها؛
في قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ (ي) (25) الأنبياء
وفي قوله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (ي) (92) الأنبياء
وفي قوله تعالى: (يَاعِبَادِي الَّذِينَ ءامَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (ي) (56) العنكبوت
لما كان طلب الدخول في عبادة الله في هذه الآيات يفيد الاستمرار عليها، وقصر العبادة على الله دون سواه؛ لقوله تعالى: (لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ (ي)) – (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (ي)) – (فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (ي)) [/ color]؛ حذفت ياء "اعبدوني" في المواضع الثلاثة؛
أما إثباتها في قوله تعالى: (وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) يس
فلأن الحديث في هذه الآية والسابقة لها عن عهد الله لبني آدم بترك عبادة الشيطان، وعبادة الله وحده؛ (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيكم يابَنِي ءادَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) يس،
كان في الآخرة، بعد الحديث عن حال أصحاب الجنة في الجنة، ثم انتقال الحديث عن أصحاب النار، لأنه قال لهم بعد ذلك: (هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) يس، فذكرهم بما كان من عهده لهم في الحياة الدنيا؛ بترك عبادة الشيطان أولاً، والدخول في عبادة الله ثانيًا، والطلب بالاستمرار لا يكون إلا بعد الدخول، لأن المخاطبين لم يدخلوا بعد في العبادة الخالصة لله، لأن ترك عبادة الشيطان شرط في صحة العبادة لله قبل الاستمرار في العبادة، وهذا غير الطلب في مواضع الحذف؛ لأنه لم يكن هنالك طلب بترك شيء قبل الدخول في العبادة؛ فأثبتت الياء لما كان الطلب بالتحول إلى عبادة الله بعد قطع عبادة الشيطان. وهم لم يفعلوا ذلك فكان مصيرهم النار.
وقد جاءت (أن – لا) في الرسم مقطوعة ومجال الحديث عنها في المقطوع والموصول إن شاء الله تعالى.
6 - فاسمعون: ذكرت مرة واحدة وحذفت فيها الياء؛
في قوله تعالى: (إِنِّي ءامَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (ي) (25) يس.
هذا قول الرجل المؤمن الذي جاء من أقصى المدينة يتحدى قومه في إعلان إيمانه برب الرسل، فقتلوه، فجاء حذف الياء علامة لهذا الثبات والاستمرار الذي دل عليه تحديه لقومه في إعلان إيمانه.
7 - أطيعون: ذكرت إحدى عشرة مرة، وحذفت الياء فيها جميعًا؛
في قوله تعالى: (وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (ي) (50) آل عمران (108)، (110)، (126)، (131)، (144)، (150)، (163)، (179) الشعراء، (63) الزخرف.
وفي قوله تعالى: (أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (ي) (3) نوح.
¥