راجعون آسفاً لتخلف عائشة عن الركب قالت رضي الله عنها فتجلبت بثيابي وغطيت وجهي وجاء فأناخ راحلته فركبتها وقادها بي حتى انتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعسكر، وما إن رآني ابن أبي لعنة الله لعيه حتى قال والله ما نجت منه ولا نجا منه، وروج للفتنة فاستجاب له ثلاثة أنفار فرددوا ما قال وهم حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، {والذي تولى كبره} هو ابن أبي المنافق وتورط آخرون ولكن هؤلاء الأربعة هم الذين أشاعوا وراجت الفتنة في المدينة واضطربت لها نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفوس أصحابه وآل بيته فأنزل الله هذه الآيات في براءة أم المرمنين عائشة رضى الله عنها وبراءة صفوان رضى الله عنه، ومن خلال شرح الآيات تتضح جوانب القصة
قال تعالى: {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم} أي إن الذين جاءوا بهذا الكذب المقلوب إذ المفروض أن يكون الطهر والعفاف لكل من أم المؤمنين وصفوان بدل الرمي بالفاحشة القبيحة فقلبوا القضية فلذا كان كذبهم إفكاً وقوله: {عصبة} أي جماعة لا يقل عادة عدده على عشرة أنفار إلا أن الذين روجوا الفتنة وتورطوا فيها حقيقة وأقيم عليهم الحد أربعة ابن أبي وهو الذي تولى كبره منهم وتوعده الله بالعذاب العظيم لأنه منافق كافر مات على كفره ونفاقه، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش اخت أم المؤمنين زينب رضى الله عنها وحسان بن ثابت رضى الله عنه، وقوله تعالى: {لا تحسبوه شراً لكم} لما نالكم من هم وغم وكرب من جرائه {بل هو خير لكم} لما كان له من العاقبة الحسنة وما نالكم من الأجر العظيم من أجل عظم المصاب وشدة الفتنة وقوله تعالى: {لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم} على قدر ما قال وروج وسيجزي به إن لم يتب الله تعالى عليه ويعفو عنه.
وقوله: {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} وهو عبد الله بن أبي بن سلول رئيس المنافقين عليه لعنة الله.
وقوله تعالى: {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا غفك مبين} هذا شروع في عتاب القوم وتأديبهم وتعليم المسلمين وتربيتهم فقال عز وجل: {لولا} أي هلا وهي للحض والحث على فعل الشيء إذ سمعتم قول الإفك ظننتم بأنفسكم خيراً إذ المؤمنون والمؤمنات كنفس واحدة، وقلتم لن يكون هذا وإنما هو إفك مبين أي ظاهر لا يقبل ولا يقر عليه هكذا كان الواجب عليكم ولكنكم ما فعلتم.
وقوله تعالى: {لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذا لم يأتوا بالشهداء فألوئك عند الله عن الكاذبون} أي كان المفروض فيكم أيها المؤمنون أنكم تقولون هذا لمن جاء بالأفك فإنهم لا يأتون بشاهد فضلاً عن أربعة وبذلك تسجلونعليهم لعنة الكذب في حكم الله. وقوله تعالى: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم} هذه منة من الله تحمل أيضاً عتاباً واضحاً غذ بولوغكم في عرض أم المؤمنين، وما كان لكم أن تفعلوا ذلك قد استوجبتم العذاب لولا فضل الله عليكم ورحمته لمسكم العذاب العظيم.
وقوله: {إذ تلقونه بألسنتكم} أي يتلقاه بعضكم من بعض، {وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم} وهذا عتاب وتأديب. وقوله: {وتحسبونه هينا} أي ليس بذنب كبير ولا تبعة فيه {وهو عند الله عظيم}، وكيف وهو يمس عرض رسول الله وعائشة والصديق وآل البيت آجمعين.
وقوله تعالى: {ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا ان نتكلم بهذا} إذ هذه مما لا يصح لمؤمن أن يقول فيه لخطره وعظم شأنه، وقلتم متعجبين من مثله كيف يقع {سبحانك} أي يا رب {هذا} أي الإفك {بهتان عظيم} بهتوا به أم المؤمنين وصفوان.
وقوله: {يعظكم الله} أي ينهاكم الله مخوفاً لكم بذكر العقوبة الشديدة {أن تعودوا لمثله أبداً} أي طول الحياة فأياكم إياكم إن كنتم مؤمنين حقاً وصدقاً فلا تعودوا لمثله أبداً، وقوله: {ويبين الله لكم الآيات} التي تحمل الهدى والنور لترشدوا وتكملوا والله عليم بخلقه وأعمالهم وأحوالهم حكيم فيما يشرع لهم من أمر ونهي.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1 - قضاء الله تعالى للمؤمن كله خير له.
2 - بشاعة الإفك وعظيم جرمه.
3 - العقوبة على قدر الجرم كبراً وصغراً قلة وكثرة.
4 - واجب المؤمن أن لا يصدق من يرمي مؤمناً بفاحشة، وأن يقول له هل تستطيع أن تأتي بأربعة شهداء على قولك فإن قال لا قال له إذاً أنت عند الله من الكاذبين.
5 - حرمة القول بدون علم والخوض في ذلك.
ـ[أم أبيّ]ــــــــ[16 Oct 2010, 11:47 م]ـ
جزيت الجنة
ـ[سليمان ابراهيم الاسعدي]ــــــــ[20 Oct 2010, 07:01 م]ـ
شكرا لكم
ـ[أم أبيّ]ــــــــ[20 Nov 2010, 08:11 م]ـ
بارك الله فيكم.