تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نظرية الشعراوي في تفسيره ... مقاربة تأصيلية]

ـ[د. عثمان عبد الرحيم القميح]ــــــــ[14 Sep 2010, 12:50 م]ـ

نظرية الشعراوي التفسيرية

منذ المحاضرة الأولى لتفسيره والشعراوي يكشف لنا عن نظريته التي سار عليها في تفسيره لآيات الذكر الحكيم، فهو يقر بداية بأن تناوله للقرآن لا يعدو أن يكون" خواطر لا تمثل تفسيراً للقرآن "، وأن هذه الخواطر هبات صفائية ربانية تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع آيات" ([1] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1)) .

وفضلاً عن أن هذه الكلمات القليلات تكشف بوضوح عن رأيه فيما يخص مسألة الخلاف حول التفسير والتأويل والعلاقة بينهما، فإنها تبين لنا النظرية التي اعتمدها الشعراوي خلال مسيرته مع القرآن، وهي نظرية الخواطر القائمة على " الموازنة بين الذات والموضوع في تفسير القرآن " وهو منهج عرفته مسيرة التفسير التاريخية منذ الأيام الأولى لنزول القرآن، وقد كان لهذا المنهج مراحل مختلفة وأطوار متباينة. ففي عهد الصحابة لم تكن تحمل هذه النظرية اسماً أو مصطلحاً، ونتيجة لعوامل كثيرة طرأت على الحياة العلمية عند المسلمين - كتعدد الثقافات وتوسع الفتوحات وتناقص الخيرية وتباعد القرون عن العهد النبوي وما تلاه من جيلين - تطورت هذه النظرية وحملت نفساً صوفياً ومسحة سلوكية، فاصطلح المفسرون بعد ذلك على تسميته بالتفسير الإشاري ([2] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn2)) ، ثم عرف بالذوق الانطباعي في الأبحاث المعاصرة ([3] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn3)) .

وقد عرف الذهبي هذه النظرية في ثوب التفسير الإشاري بأنها ([4] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn4))" تأويل آيات القرآن الكريم، على خلاف ما يظهر منها بمقتضى إشارات خفية تظهر.

لأرباب السلوك، ويمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة" ([5] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn5)).

ثم يكشف لنا الذهبي عن قدم هذا المنهج فيقول " لم يكن التفسير الإشاري بالأمر الجديد في إبراز معاني القرآن الكريم، بل هو أمر معروف من لدن نزوله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشار إليه القرآن، ونبه عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وعرفه الصحابة رضوان الله عليهم وقالوه به". ([6] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn6))

ولعل الذهبي يقصد بقدم هذا المنهج من لدن نزول الوحي ما أخرجه البخاري عن ابن عباس أنه قال " كان عمر يدخلني على أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجد في نفسه، فقال: لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه من حيث علمتم فدعا ذات يوم فأدخله معهم، فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم. قال: ما تقولون في قوله تعالى (إذا جاء نصر الله والفتح)؟ فقال بعضهم: أُمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نُصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً، فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا. قال: قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أعلمه له قال: إذا جاء نصر الله والفتح، وذلك علامة أجلك (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً) فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول " ([7] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn7)).

ولما كان هذا المنهج الذي يعتمد الخواطر النفسية أساساً للقول في كتاب الله كان لابد له من معيار ينضبط به، حتى يتميز عن عبث المتلاعبين بالقرآن تحت ستار اسم باطن القرآن، وهم لا يفسرون القرآن على الحقيقة، بل يتلاعبون لهدم الشريعة باسم الشريعة، ومن ثم فقد وضع علماء الشريعة معايير وضوابط تقيد هذا المنهج وتصونه، مما يتخذه البعض ذريعة لتقول على القرآن ما لم ينزل الله به سلطاناً، فاشترطوا لاعتماد هذا المنهج:

- أن يصح مقتضى الظاهر المقرر في لسان العرب، حيث يجري على المقاصد العربية، وذلك ضرورة كون القرآن عربياً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير