تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تأملات في سورة المسد (لا تكن كحمالة الحطب)]

ـ[آمال ابراهيم أبو خديجة]ــــــــ[01 Oct 2010, 11:47 م]ـ

تأملات في سورة المسد

بسم الله الرحمن الرحيم

تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)

سورة تحتوي مشاهد تصويرها للأحداث على الشدة والغلظة والجفاء والإذلال والتحقير لمن نسبت إليهم آياتها وكل من شابههم، ويتناسب ذلك مع سلوكياتهم وبناءهم النفسي فيما انتهجوه في حياتهم ضد كل صوت يخرج لنداء الحق، فالمتأمل لآيات السورة يستشعر فيها ما يشده لرؤية مشاهد اشتعال ألسنة النار الملتهبة المتوهجة لشدة ما ألقي في موقدها، فهذه النار صعرت مواقدها مما أحدثته دوافع النفس الشيطانية الخبيثة والتي أشعلت جوارحها بما يرفع حرارة الغل والحقد والحسد ضد دعوة الحق وأهله لمحاولة إحراقه، ومن أخطر الجوارح التي استخدمها أبا لهب وامرأته لإيذاء النبي محمد صلى الله عليه وسلم كانت جارحة لسانه والذي لا يتوقع أن يصدر عنه إلا القول المسيء الكاذب الدال على طبيعة هذه الشخصية ومرضها، الكلام الذي أشعل نار الفتن وألهبها ليصد كل من حاول أن يلحق بمركب الحق والإيمان، فقد استخدم أبى لهب بلاغته اللغوية وقدرته على الإقناع والتأثير نظرا لمنصبة ومركزه بين الناس ليؤثر أثرا كبيرا في قلوبهم لعدم التصديق بمحمد عليه الصلاة والسلام والإدعاء عليه أنه مريض أو كاذب حاشه صلى الله عليه وسلم.

تتحدث السورة عن شخصية رجل وامرأه اجتمعا في رباطهما على محاولة هدم بنيان الحق وعدم رفع رايته أينما وجد، كأنهم تعاهدوا على جمع همتهم وجهدهم معا ليحاولوا تقطيع حبل الله الوثيق الذي يريده أن يوصل بين المؤمنين وخالقهم، وأرادوا بالمقابل أن يشدوا حبلهم الزائف الممدود من زخرف الوهم والجهل والشهوات ليُلف حول أعناقهم، فسعوا في الأرض متحركين وطائفيين يجمعون من حطامها وحطبها حزم تُشد بحبل محكم من الشيطان لتصف أعمدة أمام طريق دعوة توحيد لله لتنشر الأذى والشر والفساد وتُشيع الفتن في قلوب الناس، وتكون أحجارا ترصف لتعيق المسير لأي تقدم سيؤدي لتغير وإصلاح المجتمعات والقبائل وإخراجهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم والإيمان، لقد عملوا على جعلها ناراً مسعورة لتكوى بها أجساد المؤمنين الصادقين وسط حرارة الصحراء ولهيبها، ولكن الله ناصر المؤمنين ووكيلهم يأبى لحطبهم أن يشتعل ضد دعوة الحق والثبات بل كان كل ما جمعوه بجهدهم حارقا لهم ولمكرهم ومصعرا ناراً تلظى من تحت أقدامهم مشدودين إليها بحبل متين ملتف حول أعناقهم ومن الصعب فكاكه أو الفرار منه، فكان صاليا لنفوسهم بنيران الذل والخسران في الدنيا والأخره.

ويأبى الحق أن يطفأ نوره فكان سراجا منيرا لكل زاوية من زوايا الدنيا، فأنار سماءها وأرضها ليبقى مشكاة تنير للناس الطريق يحملها كل من أراد أن يسلك للوصول إلى النجاة والفلاح إلى صراط الله المستقيم، بأن يجعل خطوات أقدامه وحركات يديه لا تتبع إلا منهج النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، فمهما حاول أعداء الله أن يطفئوا نور الله بشدة مكرهم وغلظتهم لن يستطيعوا حتى لو بسطت الأرض كلها بين أيديهم فالله يُمهل ولا يُهمل فيعطي لينتقم بأخذه الشديد فتكون الحسرة والندامة على النفس وألمها أشد وأقوى، فنور الله لا يطفئه شيء ولا يكون له إلا الثبات والزيادة.

قال تعالى (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا) المائدة64 قال تعالى (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) الصف8

وحكمة الله أن تسمى تلك السورة قليلة العدد في آياتها شديدة المعاني والمواقف، وعظيمة الفوائد أن تسمى بالمسد له دلالة قوية على ما فيها من معاني مترابطة متناسقة في معناها، ولتدل على طبيعة شخصية هؤلاء الكافرين الذين برزوا وتميزوا بأفعالهم عن غيرهم من الناس لكنها كانت أفعال للشر والأذى فاستحقوا أن يلقبوا بها وأن ينزل بهم وبأفعالهم قرآن يتلى ليوم القيامة يتوعدهم ويتوعد كل من تبع منهج خطواتهم وسننهم

ولو نظرنا لمعنى المسد في اللغة ففي كتاب الصحاح في اللغه قيل أنه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير