[القول في القرآن الكريم بالرأي .. ما هي حدوده؟]
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[08 Oct 2010, 11:20 م]ـ
منذ فترة وأنا أطالع بعض المشاركات والمواضيع التي أجد في كاتبيها ما يمكن أن أسميه "جراءة" على تفسير كتاب الله تعالى؛ تارة بالاعتماد على اللغة وحدها، ومرة بالاعتماد على عكس ما تفيده اللغة، وحينا آخر ببعض الاكتشافات الحديثة، ومرة بالمعادلات الحسابية حتى المتناقضة رياضيا ..
وكنت قرأت قبل ذلك تحذير السلف الصالح من القول في القرآن الكريم بالرأي ونصوصهم معروفة لدى الجميع.
فمتى يوصف قول ما أو تفسير ما بأنه قول في القرآن الكريم بالرأي؟ ومتى يكون ذلك مذموما منطبقا عليه ما نقل عن السلف؟
ـ[توفيق العبيد]ــــــــ[09 Oct 2010, 11:03 ص]ـ
اخي الفاضل
ان مفهوم التفسير بالرأي هو الاجتهاد، أو القياس، ولذا يقال أصحاب الرأي أو القياس.
للتفسير بالراي معنيان: الأول: التفسير دون الاستعانة بأية أداة من علوم تؤيد اجتهاده. وهو لا يجري على قوانين العربية، ولا يوافق الأدلة الشرعية، ولا مستوف لشروط التفسير، وهذا المعنى مذموم. بل وعليه يقع الأحاديث التي تنص على حرمة القول في القرآن بغير علم، ومنها: ما رواه الترمذي: عن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله صل1: من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ. وغيرها من الأحاديث.
المعنى الثاني: هو التفسير بالاجتهاد من خلال معرفة المفسر لكلام العرب ومناحيهم في القول ومعرفته للألفاظ العربية ووجوه دلالالتها ووقوفه على اسباب النزول، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، وسائر أدوات المفسر الموجودة في كتب علوم القرآن: مثل كتاب الاتقان للسيوطي، والبرهان للزركشي وغيرها فليرجع لها لمعرفة شروط المفسر. ويكون هذا التفسير أيضا موافقا للكتاب والسنة وأصول التشريع.وهذا القسم جائز عند المفسرين الذين استخدموا مصطلح التفسير بالراي وأجازوه.
وهذا الأخير أي التفسير بالراي الجائز: محدود ومشروط، وليس على إطلاقه، ولا يسمح لأحد تحت مسمى التفسير بالراي أي يفسر على هواه ثم يقول أنا من جماعة القائلين بجواز التفسير بالراي.
ومعلوم أن التفسير بالمأثور: له عدة مصادر:
اعلاها ما فسره النبي صل1 بنفسه وهو قليل، وثانيها ما نقل من تفسير الصحابة الكرامرض3 وهم من شاهد وعاين التنزيل كابن عباس وابن مسعود، ومن بعدهم التابعين الذين تتلمذوا على الصحابة، ولم يدخل للغتهم اللحن، وهم أهل القرن الثالث المشهود لهم من النبيصل1 بالخيرية. ولم يتم تفسير القرآن كاملا من قبل من ذكرت، ولكن جاء من جمع آثار الجميع في كتاب وتمم تفسير القرآن، كابن جرير الطبري، وجمع اشتات تفاسير من ذكرنا، ولهذا صنف تفسيره ضمن تفاسير بالمأثور. علما ان فيه أرآء الطبري الخاصة كالترجيحات بين الأقوال، ومثله تفسير ابن كثير.
وللتوسع راجع ذلك في كتب علوم التفسير: التفسير والمفسون للذهبي. مناهج المفسيرين: صلاح عبد الفتاح الخالدي. ود مصطفى مسلم. وغيرهم.
هذا خلاصة ما يجوز وما لا يجوز في مسالة التفسير بالراي والتفسير بالمأثور. والله أعلم
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[09 Oct 2010, 11:39 ص]ـ
أخي الكريم: توفيق العبيد وفقك الله لكل خير فقد استفدت مما كتبت.
لكنك تعرف سبب كتابتي لهذا الموضوع وقد بينتها في مستهله؛ فهل بعض المشاركات الموجودة هنا في هذا الملتقى وفي غيره من تفسير للقرآن الكريم بمحض الرأي- وبعض ذلك البعض دون اعتماد حتى على لغة أو أي مصدر من مصادر التفسير المعروفة؛ بل وبعض بعض ذلك البعض يفسر بعكس المعنى المعروف من لغة العرب - داخلة في ذلك المنهي عنه؟
إذا كانت الإجابة بنعم فلماذا يتركها القائمون على هذا الملتقى تفسد على الناس كثيرا من هيبة كتاب الله تعالى فيصبح كل من هب ودب يفسر الآية كذا بكذا ثم يقول هذا ما فتح الله به علي!!
إذا لم توجد الغيرة على تفسير كتاب الله تعالى في هذا الملتقى فأين مظنتها؟
ـ[توفيق العبيد]ــــــــ[09 Oct 2010, 12:00 م]ـ
أخي ابراهيم حفظك الله تعالى: وفق خبرتي وعهدي بالقائمين على هذا الملتقى الطيب، انهم لايسمحون لوجود تفسير يخالف الشروط التي قلتها لك آنفا، وإن كنت تقصد مقالة بعينها وجدت في هذا الملتقى، فأشر إليها لنطلع عليها، وننبه عليها الإخوة المشرفين، فأنت تعلم انشغالاتهم، فلا يتصور أنهم أمام الملتقى 24 ساعة دونما عمل، ومن جهة أخرى أقول لك: ظهر اليوم مصطلح التفسير الموضوعي، وهو ليس بدعا من التفاسير ولا خارجا عن أصوله، بل إنه يستمد روافده من تفسير السلف، ومن التفاسير المقبولة من تفاسير أهل الرأي المقبول.
ولعلك تراجع مقالتي: تدبر لقوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده.
وجزيت خيرا
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[09 Oct 2010, 12:49 م]ـ
اخي الكريم: توفيق حفظك الله تعالى ورعاك.
أولا: أنا لا أقصد التفسير الموضوعي؛ لأنه لا يختلف عن التفسير المعهود؛ وهو يستمد من نفس المصادر، وغاية ما فيه الارتباط بموضوع معين وحصر آياته لتكوين وحدة موضوعية حول ذلك.
لكن الذي أعنيه هو ما كثر في هذا الملتقى من المقالات والمواضيع التي تعالج ما يسمى بالإعجاز بأنواعه، وخاصة الإعجاز العددي، وأعلم أن أهل العلم المعاصرين قالوا قولتهم فيه: "الإعجاز شغل من لا شغل له" و"علم من لا علم له" ..
وأعلم أن القائمين على هذا الملتقى لا يستطيعون متابعة كل المشاركات والمواضيع؛ ولكن هذا النوع الذي أعنيه كثر حتى طم؛ وحاول الأخ نايف الزهراني حفظه الله تعالى أن يتنزل مع المدافعين عنه؛ ويطالبهم بضوابط وبيان منهجتهم في تفسيرهم العددي هذا في موضوع مثبت؛ حتى يعرف المسلم كيف يقف منه؛ لكنه لم يجد سوى ما وجد؛ فهل يترك الحبل على الغارب بدعوى حرية التعبير، والمحافظة على الأعضاء؟
¥