تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[سورة النمل ومعنى طس ج1]

ـ[طارق عرفة]ــــــــ[06 Oct 2010, 02:42 م]ـ

هداية سورة النمل

سميت هذه السورة بهذا الاسم هداية من رب العالمين للناس أن يقتدوا في حياتهم بأسلوب وحياة جماعات النمل فهي تقدم مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد وتؤدي عملها نشيطة وغير ذلك من الصفات الطيبة النافعة. هذه السورة ومقصدها من الأمور الأساسية التي شرحت في القرآن ولم تذكر في التوراة وهذا مقصد الآيات التي تخص بني إسرائيل فيها من رقم 76 إلى 78.

طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ (1) الطاعة والسمع من أساس آيات القرآن والكتاب الواضح. أي هذه السورة كتاب واضح لبيان أمر الطاعة الحقة والتي هي لله عز وجل وبيان الشرك معه في طاعته سواء طاعة الحكام أو الهوى الخاص أو العام أو طاعة الشهوات.

هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3) في الكتاب هدى وبشرى لمن يطيع الله و يقيم الصلاة و يؤتي الزكاة و يخاف الآخرة بيقين أي قولا وعملا لا مجرد النطق بالإيمان.

إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4) أما ضعاف الإيمان بالآخرة الذين يعلنون الإيمان ثم يخالف فعلُهم قولَهم فقد زينا لهم أعمالهم فهم في عمى عن ضلالهم.

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5): هؤلاء هم الأخسرون يوم القيامة ولهم سوء العذاب تقديم للعذاب علي الحساب بلاغة و تخويف المقصود أنهم في غيهم يحسبون أنفسهم ناجون ومن أهل الجنان لكن صدمة رهيبة سوف تلاقيهم فهم أخسر الناس, لقد عملوا عمل المؤمنين حسب ظنهم ولم ينالوا عليه ثوابا بل نالوا سوء العذاب مع الكافرين.

وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6) هذا ليس كلاما عابرا

هذا كلام حكيم عليم.

يعطي اللهُ عز وجل أمثلةً عن الطاعة في صورة قصص.

المثال الأول: طاعة الموقنين وذلك في قصة اصطفاء موسى وتكليفه بالرسالة: فهذا موسى سمع أمر ربه فلم يخف ورجع وقبل التكليف بالرسالة مع شدة من سوف يواجه وقد تربى وتمتع بخيره وفي قصره وفي سياق القصة أن العصا أيضا أطاعت.

إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7) لقد كان يعبر الصحراء وليس معه غير زوجته وخدم من النساء وكان يسير ليلا كي يختفي من عيون جند فرعون وأثناء سيره رأي ضوءا فظنه نارا لبعض أهل البادية فقال لأهله امكثوا إني آنست أي أبصرت نارا سأسير إليها لأرى من حولها وإذا كانوا غير خائنين أتيتكم منها بقبس كي تستدفئون بها وترحمكم من شدة البرد.

فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) عرَّف المولى عز وجل عبده موسى بعضا من صفاته التي تلزم كل من يعرفها أن يخضع لصاحب هذه الصفات فهو رب الخلق جميعا والملك الحق في السماوات والأرض, الحكيم في قوله وفعله, كما أحاطه ببركة منه هي السكينة والخشوع على موسى وكل ما حوله. ولم يكن ما رآه موسى نارا بل نورٌ وهَّاجٌ كأنه نار.

وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (11) أمر الله موسى أن يرمي العصا التي في يده إلى الأرض وكانت المفاجأة لموسى أن العصا أطاعت قبله وتغير شيء منها فخاف منها ومن الصوت فأراد الهروب معطيا للنور ظهره كما أن الوقت ليل وسكون مما زاد الصعوبة في التحمل فرحمه ربه وطمأنه وبين له المكانة التي رفعه إليها وهي الرسالة وأنه أصبح من المرسلين وموسى مؤمن بالله على دين إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويقدس آباءه بسبب هذه المكانة ومن خصائص هذه المكانة أن الرسل معصومون من أي شر وبلاء من الناس أو من الأشياء التي تضر مثل الجن أو الحيوانات الخطرة كالحيات والسباع, إلا من ظلم في إبلاغ الرسالة أو تعمد خطأً ومعصيةً فإن له عقوبة عظيمة إلا إذا صحح خطأه وتاب وأحسن فالله سبحانه غفور رحيم.

وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ (12) والآن خذ هذه الآيات إلى فرعون وملأه الخارجين عن طاعة ربهم فأريهم إياها وادعوهم لطاعة ربهم ومنها أن يدك تدخلها في جيبك فإذا أخرجتها تكون بيضاء مثل المنديل الأبيض في بياضه لكن من غير ضرر ليدك وباقي الآيات منها هداية الله لهارون معه يصدقه والعصا تنقلب إلى حية تسعى عندما يلقيها على الأرض ويضمم جناحه من الرهب يعني إذا خاف شيئا ضم عضديه إلى صدره فيذهب عنه الروع وآيات أخرى منها الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم. هذا مثال طاعة المتقين.

فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)) فلما رأوا آيات الله الواضحة في بيان صدق الرسول خاصة آيات البلاء التي كانت تصيبهم ولا تضر المؤمنين ما آمنوا بل قالوا هذا سحر عظيم. جاء باقي القصة مختصرا مع تبيين سبب كفر الفاسقين وهو الظلم الذي عاشوا فيه والتكبر منعهم من الرضوخ للحق مع حصول يقين عند كثير منهم أنها من الله, فماذا كانت عاقبة ذلك إلا الهلاك الذي لا رجعة لهم بعده وكذلك تكون نهاية المفسدين في أرض الله الخارجين عن طاعته. تفاصيل أخرى نزلت قبل وبعد هذه السورة لا تختص بموضوع السورة وهو طاعة الله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير