يُوسُفُ: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} وَقَالَ: {لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا}. وَأَيْضًا فَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ الْكُفَّارَ بِقَوْلِهِ {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} وَقَالَ: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ} {حَتَّى إذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} وَهَذَا ذَمٌّ لِمَنْ كَذَّبَ بِمَا لَمْ يُحِطْ بِعِلْمِهِ." أهـ
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين:
" وَنَحْنُ نَقُولُ قَوْلًا نَدِينُ اللَّهَ بِهِ وَنَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى تَوْفِيقِنَا لَهُ وَنَسْأَلُهُ الثَّبَاتَ عَلَيْهِ: إنَّ الشَّرِيعَةَ لَمْ تُحْوِجْنَا إلَى قِيَاسٍ قَطُّ، وَإِنَّ فِيهَا غُنْيَةً وَكِفَايَةً عَنْ كُلِّ رَأْيٍ وَقِيَاسٍ وَسِيَاسَةٍ وَاسْتِحْسَانٍ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ مَشْرُوطٌ بِفَهْمٍ يُؤْتِيهِ اللَّهُ عَبْدَهُ فِيهَا، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ}.
وَقَالَ عَلِيٌّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ -: " إلَّا فَهْمًا يُؤْتِيهِ اللَّهُ عَبْدًا فِي كِتَابِهِ " {وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ}، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ عُمَرُ لِأَبِي مُوسَى " الْفَهْمَ الْفَهْمَ " أهـ
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[01 Nov 2010, 01:40 م]ـ
تذكرت كتاب شيخنا في هذا الملتقى العلمي العلامة د. مساعد الطيار بارك الله فيه ولا أزكي أحدا على الله، مفهوم التفسير والتأويل .. ،والذي أتاحه لطلبة العلم لا حرمه الله الأجر والمثوبة.
والحمد لله تعالى في الكتاب دراسة لتطور مصلح التأويل، وقد ناقش ما جانب فيه بعض أهل العلم الصواب فيما يخص شرح الحديث السابق، ورجح ما أشار إليه بعض أهل العلم من أن التأويل هو:
" صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وبعدها، تحتمله الآية، غير مخالف للكتاب والسنة من طريق الاستنباط " أهـ
وقد نقل قولا رائعا للإمام الشافعي وهو:
" وذلك والله أعلم بين في التنزيل مستغني به عن التأويل .... " أهـ
والجدير بالذكر أن الإمام الشافعي كرر هذه العبارة كما أشار الدكتور الفاضل في كتابه الأم، وكتاب الأمر كتاب فقهي في أكثره، وهذه النقطة تدعوني إلى الرجوع إلى بيان معنى الحديث، حيث أن متن الحديث مترابط مع بعضه فقد دعا صلى الله عليه وسلم له بقوله:
" اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل"
والفقه هو الفهم، وقد بين صلى الله عليه وسلم لنا ديننا وتركنا على المحجة البيضاء، وهذا ما يعمد إليه كل المسلمين فأي مولود في الإسلام يأسلمانه أبواه، أو إذا ولد أحد فدخل الإسلام عندها يقوم اخوانه بتعليمه الدين ويفقهونه بما يلزم، لذا فإن التأويل مرتبة أعلى ومرحلة متقدمة، تتداعى فيها معرفة المسلم بدينه من المصدرين القرآن والسنة مشكلة كما معرفيا قويا، وأعتقد أن هذه المعرفة المميزة هي التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى:
(((هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)))
وهذه الأية الكريمة تنقلني من معنى " التأويل " في الحديث إلى صفات المأول، فالذي يظهر لي أن العالم بكل فنون العلم الشرعي المترابطة والذي وصل لدرجة الرسوخ هو الذي يصلح للتأويل، والذي يطلق عليه "المجتهد" اليوم، والله أعلم وأحكم.
وأتنمى أن يوجه الكلام من يرى له توجيها، لا حرمكم الله الأجر والمثوبة.