ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[26 - 08 - 2007, 02:45 م]ـ
أخي الكريم الدكتور بشر حفظه الله
أشكرك على حسن اهتمامك داعيا الله أن يوفقك ويسددك
أخي الكريم الأستاذ الفاتح وفقه الله
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أشكرك أخي الكريم على إثارة هذا الموضوع أعني عمل الاسم المنسوب، وكنت لا أعلم أنه يوجد من النحويين من يجريه مجرى اسم المفعول فالذي كان عندي أنه من المسلمات أن يكون كالصفة المشبهة بجامع الدلالة على صفة ثابتة في ذات الموصوف، ولم أرجع في البداية إلا إلى كتاب سيبويه، ولكن بعد كلام الأخ الدكتور بشرونقله عن الغيث المنسجم بحثت عن الموضوع في كتب النحو فتأكدت أنه لا مخالف لسيبويه في ما ذهب إليه، وسأبين لك كيف نشأ هذا الخطأ لدى من ذهب إلى أن المنسوب يعمل عمل اسم المفعول أو اسم الفاعل ..
منشأ ذلك أخي العزيز أن ابن مالك رحمه الله قال في باب النعت:
وانعت بمشتق كصعب وأشب ... وشبهه ك (ذا) و (ذي) والمنتسب
ووضح ابن عقيل المنتسب بمثال (مررت برجل قرشي) وفسر القرشي فقال: أي: منتسب إلى قريش.
فظن بعضهم أن المنسوب بمعنى اسم الفاعل، وبنى على ذلك أن المرفوع بعده فاعل.
أما ابن هشام فقد وضحه في توضيحه بمثال: مررت برجل دمشقي، ثم بين أن معنى (دمشقي) منسوب إلى دمشق.
فظن بعضهم أن المنسوب بمعنى اسم المفعول وعليه بنى أن المرفوع به فاعل.
وكلا الرأيين غلط من صاحبيهما كائنا من كان.
فلا يؤخذ من بيان معنى المنسوب حكم نحوي، ولم يرد ابن مالك أن المنتسب يعمل عمل اسم الفاعل ولا أراد أن المنسوب يعمل عمل اسم المفعول.
والدليل على ذلك أنه ألحق اسم الفاعل الدال على صفة ثابتة أو اسم المفعول الدال على صفة ثابتة والاسم المنسوب واسم الجنس ألحق كل هذا بالصفة المشبهة في باب الصفة المشبهة في شرح التسهيل، فقال بعد الحديث عن اسم الفاعل واسم المفعول الملحقين بالصفة المشبهة:
ونبهت بقولي (وقد يفعل ذلك بجامد لتأوله بمشتق) على أنه قد يقال: وردنا منهلا عسلا ماؤه، وعسل الماء ...
ثم قال:
وأكثر ما يجيء هذا الاستعمال في أسماء النسب، كقولك: مررت برجل هاشمي أبوه تميمية أمه، وإن أضفت قلت: برجل هاشمي الأب تميمي الأم.
ولم يذكر ابن مالك مخالفا لذلك ومن منهجه في شرح التسهيل أن يذكر الخلاف إن وجد.
وقد نقل خالد الأزهري في التصريح أنه نقل من خط ابن هشام في حواشيه أن اسم المفعول إذا دل على الثبات فالمرفوع بعده مرفوع على الفاعلية لا على أنه نائب عن الفاعل لأن اسم المفعول خرج عن بابه إلى باب الصفة المشبهة ويعامل معاملة الصفة المشبهة. قال:
(فأما اسم المفعول إذا جرى مجرى الصفة المشبهة فإنه يرفع السببي على الفاعلية على ما يقتضيه حال الصفة المشبهة لا على النيابة عن الفاعل كما يقتضيه حال اسم المفعول، قاله الموضح في الحواشي ومن خطه نقلت)
فإذا كان اسم المفعول نفسه إذا دل على صفة ثابتة في الموصوف يلحق بالصفة المشبهة فما بالك بالاسم المنسوب؟
ثم دعك من كل هذا وحكم ذوقك اللغوي في دلالة كلمة (عربي) هل تدل على من وقع عليه فعل العروبة أو التعريب أم أنها تدل على صفة ثابتة في ذات الموصوف بها؟
إن عبارة (الاسم المنسوب) اصطلاح صرفي لا علاقة له بالعمل النحوي كما لا توجد علاقة بين مصطلح (الاسم المصغر) وبين العمل النحوي وكما لا توجد علاقة بين (الفعل الثلاثي) وبين تعدي الفعل ولزومه.
ولو جاز أن يعمل الاسم المنسوب عمل اسم المفعول بسبب أن (المنسوب) اسم مفعول لجاز أن يعمل الاسم المصغر عمل اسم المفعول، ولجاز أن نقول: مررت بولد رجيلٍ أبوه، على أن الأب نائب فاعل لرجيل لأنه بمعنى (مصغر).
أخي الكريم الفاتح فتح الله عليه
لا تتعصب لرأي لا دليل عليه إلا وروده في كتاب مدرسي .. أما الشيخ الغلاييني فهو وإن كان عندي ثقة لكنه أخطأ في هذه القضية، ومن منا لا يخطئ؟
كما أنصحك ألا تعتمد على كتب العصريين إلا بعد عرض ما فيها على كتب أئمة النحو فلا يوثق بفهم أكثر العصريين وبخاصة بعد أن صارت طباعة الكتب سهلة ميسرة فاختلط المتخصص بغير المتخصص ممن همه الربح المادي وراء بيع الكتب، وأعرف بعض الأشخاص ممن لم يتجاوز علمهم بالنحو شرح ابن عقيل ألفوا في النحو كتبا تباع في الأسواق تحت عناوين جذابة نحو: الميسر والموجز والجديد وغير ذلك ..
هذا ما عندي فإن اقتنعت فبها ونعمت وإن كانت الأخرى فلكل وجهة هو موليها كما قلت سابقا والله يهدينا وإياكم سواء الصراط.
مع التحية الطيبة
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[26 - 08 - 2007, 05:13 م]ـ
لله أنت ولله درك شيخنا وأستاذنا الدكتور الأغر، ولا عطر بعد عروس، ولكن اسمح لي أن أضيف إلى ما تفضلتم به أن وجود خطأ أو أخطاء في كتاب لا يدل على أن جميعه خطأ؛ إذ لم يضمن الله الكمال المطلق لغير كتابه المنزل، فإذا أخطأ الشيخ الغلاييني في هذا الموضع من كتابه المفيد فلا يدل ذلك على أن الكتاب كله خطأ لا يوثق به فضلا عن جميع كتب المعاصرين، فأي منطق هذا أخي الأستاذ الفاتح؟ بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا.
¥