ـ[معالي]ــــــــ[04 - 09 - 2007, 02:14 ص]ـ
هذه والله من أعظم النعم، وأجزل المنن!
أحسب أن الفصيح يعيش أزهى أيامه، وخيرة الأساتذة يجوبون دياره، وشذا علمهم وأدبهم يعبق مرابعه!
حيا الله شيخنا القدير الحجة؛ فقد مضى زمان كدرنا -والله- غيابكم خلاله، ولعل هذه منكم عودة لا تعرف الانقطاع، حاجة ً منا ماسة إلى غزير علمكم وفيض عطائكم.
أكرر الترحيب بكم بين يدي هذا الموضوع الجليل الذي ضمّ الكبار، وجمع الأعلام، سائلة العلي القدير أن يجزيكم خير الجزاء، ويبارك في علمكم وعملكم.
ـ[أبو قصي]ــــــــ[04 - 09 - 2007, 03:01 ص]ـ
حبيبيَّ / علي المعشي، وسليمان خاطر
سأجيبُ برأيي أولُ؛ فأْذَنا لي.
الأصلُ الواقعُ لا المفترضُ في المضارعِ الإعرابُ بالحركات؛ كما تجدُ في (يذهبُ – لن يذهبَ – لم يذهبْ).
فعلينا أن نسأل قبلُ: لِمَ لمُ يعربوا (الأفعالَ الخمسةَ) بالحركاتِ، ثم هل مِن فرقٍ بينَها وبينَ ما اتصلت به نونُ النسوةِ في الحقيقةِ، ولِمَ لم يعربوها بالحروفِ كما أعربوا الأفعالَ الخمسةَ، ولمْ يلزموها الإعرابَ بالحركاتِ كأصلِ الفعلِ؟
الجواب:
لما أرادوا إسنادَ المضارع إلى واو الجماعة – والمضارعُ ينبغي أن يَّكونَ معربًا – رأوا أنهم لا يستطيعونَ أن يجعلوا آخرَ حرفٍ من الفعلِ محلاّ للإعرابِ (يذهبُو)، لأنهم إذا أدخلوا عليه الجازمَ قالوا: (لم يذهبْوْا) فيجتمع ساكنانِ؛ فلما امتنعَ عليهم إظهار أثر الجزمِ امتنعوا من ذلك طردًا للبابِ، فلم يستحبُّوا البناءَ على الضمِّ أو غيرِه ولهم عنه مزاحٌ، فألزموا حركةَ آخرِه الضمَّ، ونقلوا عنها محلَّ الإعراب، وزادوا نونًا في آخرهِ، وجعلوها هي المحلَّ، وجرَّأهم على ذلكَ أنهم يزيدونها في غير ذلك كما زادوها في المثنى، وفي جمعِ المذكَّر السالم؛ فقالوا: (يذهبُون) فإذا أدخلوا العواملَ حذفوها؛ فقالوا: (يذهبوا).
أما ما آخره نونُ النسوةِ، فوجهُ القياسِ أن يَّقولوا فيه: (يذهبُنَ، لن يذهبَن، لم يذهبْن) فيعربوه بالحركاتِ؛ فاستثقلوا ذلكَ، فسكَّنوا ما قبلَ النونِ، كما ضموا ما قبلَ الواوِ، والتمسوها إعرابَها بالحركاتِ كما فعلوا بنحو (يذهبونَ) فوجدوه مستثقَلاً كذلكَ (يذهبْنَنَ)، فلم يجدوا بدًّا من بنائِها.
أما مَن قالَ: إنهم بنوها حملاً لها على الماضي (ذهبْنَ)، فعلةٌ يجوزُ أن تصِح في تعيينِ حركةِ البناءِ، مع أنَّ الحقَّ خلافُ ذلكَ؛ ألا ترى أنه لو لَم يكن ثَمَّ ماضٍ لم نجدهم يبنونها إلا على السكونِ لاستثقالِ غيرِه. ومتى وُجِدَ الحُكمَ ولا علةَ تبيَّن فسادُها.
ولا تصِح هذه العلةُ في صيرورتِهم إلى البناءِ، لأنا بيَّنا أنَّ ذلك للاستثقالِ، والاستثقالُ أقوى من قياسِ الشبهِ؛ ألا ترى أن الماضيَ من (يذهبون) مبنيٌّ، ومعَ ذلك نجدُ المضارعَ معربًا، لم يحملوه عليه. وذاك لضعفِ المقيسِ عليه؛ وهوَ الفعلُ الماضي، خلافًا للحرفِ؛ فإنه يُحملُ عليه بالشبهِ؛ فيبنَى المحمولُ.
أما مَن قال: إن علةَ البناءِ تعارض المقتضي والمانع في قياسِ الشبه؛ فللفعلِ مقتضٍ للإعرابِ؛ ولكنَّ له مانعًا يُضعِف وجهَ الشبه؛ وهو اتصالُ النونِ به؛ وهي لا تدخُل على الأسماءِ.
فهذا يُردّ عليه بنحو (تضربين)؛ فإنه اتصلت به ياء المخاطبة؛ وهي لا تدخلُ الأسماءَ؛ ومع ذلك لم يُبنَ!
الحجة
ـ[علي المعشي]ــــــــ[05 - 09 - 2007, 03:33 ص]ـ
شيخنا الكريم الحجة حفظه الله
قد يصح أن يؤدي الاستثقال إلى العدول عن علامة بناء إلى علامة أخرى، أو العدول عن علامة إعراب إلى أخرى، لكن القول بأنه ـ أي الاستثقال ـ سبب وحيد للعدول عن الإعراب إلى البناء أو العدول عن البناء إلى الإعراب قول فيه نظر. ألا ترى أن العرب إذا استثقلت شيئا في كلمة معربة تخلصت من ذلك الثقل بطرق أخرى كالحذف أو تقدير علامة الإعراب ... إلخ، وكل ذلك يتم مع بقاء الكلمة معربة دون القفز بها من دائرة الإعراب إلى دائرة البناء؟
فهناك أحوال يكون فيها الثقل أشد بكثير من الثقل الحاصل في مسألتنا ومع ذلك لم يكن التخلص من الثقل بالبناء وإنما كان بطرق أخرى مع بقائه معربا، فعلى سبيل المثال (لتبعثُونَنَّ) حيث تم التخلص من توالي الأمثال والتقاء الساكنين مع بقاء الفعل معربا (لتبعثُنَّ)، وغير ذلك كثير.
¥