تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فقوله " أعربوا " يشير إلى كون الأصل في المضارع البناء ثم يعرب حملاً على الاسم.

لا تناقض بين فكرة بناء الفعل وإعراب المضارع لأن القول بأن الأصل في المعرب الرفع تعني أن ما يعرب من الأشياء المبنية فإن إعرابها يكون على الأصل في المعربات وهو الرفع، لأنه يخرج عن هذا الأصل بدخول عوامل النصب والجزم. وهذا الأصل هو ما حاول التعبير عنه بعض النحويين بالتجرد من الناصب والجازم.

يرى بعض النحاة كقطرب – وإن كنا لا نوافقه - أن الإعراب لم يدخل ليفرق بين المعاني وإنما ليفرق بين الوصل والوقف.

أحسب هذا القول لا علاقة له بالموضوع.

قال الزجاج في الإيضاح: " وإنما أعربت العرب كلامها؛ لأن الاسم في حال الوقف يلزمه السكون للوقف، فلو جعلوا وصله بالسكون أيضًا لكان يلزمه الإسكان فيهما فكانوا يبطئون عند الإدراج، فلما وصلوا وأمكنهم التحريك جعلنا التحريك معاقبا للإسكان ليعتدل الكلام ".

أحسب هذا لا علاقة له فليس محل نزاع أو خلاف.

قال الاستراباذي: " الرفع علم العمدة، والنصب علم الفضلة، والجرُّ علمالإضافة ". فلو كان الرفع أصلاً لكان الكل مرفوعًا.

لا تكون الأشياء كلها مرفوعة لأنها ليست من العمد، ولو اعتمدنا هذه الطريقة من الاستنتاج لقلنا لكان الكل منصوبًا، لكان الكل مجرورًا. والمعنى أنه لا يستنتج من قول الرضي مثل هذا الاستنتاج ولا خلاف بيننا أن العمد مرفوعة.

الروايات التي تفسر السبب في نشأة النحو جاء فيها موضع اللحن مرفوعًا تارة، ومنصوبًا أخرى، ومجرورًا ثالثة؛ ولو كان الرفع أصلا لما زلَّ اللسان وأخطأ بل لجرى على الأصل.

وهنا أيضًا لا تكون النتيجة صحيحة فالذي يلحن إنما يلحن باستعماله لغة فيها مرفوع ومنصوب ومجرور، ومستعمل اللغة لا علاقة له بالمصطلحات أو التحليل أو التفسير الذي يذهب إليه النحوي أو دارس اللغة. والقول بأن المعرب أصله الرفع لا يعني أن المفعول به كان مرفوعًا ونصب والمجرور كان مرفوعًا ثم جر، لا أحد يفكر بهذه الطريقة، دعنا نعكس المسألة ونقول إن الاسم مثلا إن لم يسبق بحرف جر، ولم يسبق بناصب حرفي أو فعلي فإنه يكون مرفوعًا فهذا الرفع الذي لم يسببه شيء هو ما يسمى بالرفع على الأصل.

جاء في أول كتاب سيبويه: " هذا مجاري أواخر الكلم العربية " ولكل منصف أن يدقق في كلمة (مجاري) ليعلم أنَّ الرجل ما ذكرها إلا ولها من المعاني ما لا يعرفها إلا من دق ذهنه، وعمق فكره.

أحسب أن في الموضوع هنا بعض المبالغة فشراح سيبويه بينوا لنا مراد الرجل من المجاري، وهي ألقاب لألفاظ الإعراب والبناء ففرق بين ألقاب الإعراب كالرفع والنصب والجر، وألقاب البناء كالضم والفتح والكسر. ولا أظن أن هذا يغير من الأمر شيئًا.

الإعراب من معانيه لغة – واصطِلاحًا – التغير، فكيف يكون التغير أصلاً.؟

الإعراب قابلية اللفظ للتغير، وهذا المرفوع حسب الأصل يمكن أن يتغير بخروجه إلى حالة أخرى كالنصب أو الجر: محمد منطلق/إنّ محمدًا منطلق. والرفع وإن يكن أصل الإعراب فليس سوى حالة من حالات الإعراب، بمعنى أن الإعراب فيه أصل وفرع وإنما يكون التغير من أصل إلى فرع. ولعلنا إن جعلنا الحالات الإعرابية متناظرة نصادم فكرة التغير. فالنصب قد يكون عن رفع كما في نصب المبتدأ بعد إنّ.

لمَ أغفل النحاة وحتى أصحاب المتون الإشارة إلى الأصل في الإعراب بينما أشاروا إلى ذلك في البناء كما فعل ابن مالك في الخلاصة:

.......................... ***** والأصل في المبني أن يسكنا

وأترك الإجابة لذوي القرائح.

اهتم النحويون بعلامة المبني فبينوا أن الأصل السكون لأن الحركة أنسب لبيان حالات المعرب. وهذه مختلفة، فالقول بالرفع هو حديث عن حالة إعرابية وليس عن علامة. ولكن لنقل كما قيل سابقًا لم قالوا بالعامل المعنوي في المبتدأ والخبر وبتجرد المضارع ولم يقولوا بفكرة الأصل والجواب لعلهم طرد العلة وهي كون كل إعراب أو حالة إعرابية إنما هي أثر عامل لفظي إن أمكن أو معنوي إن تعذر اللفظي.

القول بأن الأصل هو الرفع يقتضي بأن وضع الكلمة في جملة وبقاءها على الرفع ليس لمعنًى زائد على ما فيها،، وهو نقل ميت للكلمة من حالة إفراد إلى تركيب. [/

لا تكتسب اللفظة معناها بحركة الإعراب بل بالوظيفة التي تؤديها في الجملة ولذلك تؤدي الوظيفة المعربات بعلامة ظاهرة وبعلامة مقدرة والمبنيات التي لا فرق في لفظها خارج الجملة أو داخلها.

Quote]

[quote

] يسأل دومًا في الكلام عن علة الرفع والنصب .. ولو كان الرفع أصلاً لم يسأل عن علته، لأن ما جاء على الأصل لا يطالب بعلة فيه.

السؤال عن علة الرفع كالسؤال عن علة النصب هو سؤال عن وظيفة اللفظ وأنت تبين العلة وإن اختلفت العلة، ففي تعليل رفع (محمد) في: محمد منطلق، يقول النحوي لأنه مبتدأ ونقول معه لأنه مبتدأ، فإذا انتقلنا إلى العلة الثانية يقول النحوي رفع المبتدأ بالابتداء، وأقول رفع على الأصل في إعراب المعربات.

لو كان الرفع أصلاً لكان للمتكلم أن يلزم حالة واحدة في كلامه.

بهذا المنطق نقول لو كان الأصل في البناء السكون لكانت المبنيات كلها ساكنة. القول بأن الأصل الرفع فكرة تفسيرية تهم النحوي لا المتكلم. والفقهاء يقولون الأصل في الأشياء الطهارة، والأصل في الأطعمة والأشربة كونها حلال.

قيل إن أبا عمروٍ كان يقرأ بالتسكين.

لا أدري ما علاقة هذا بالموضوع.

في كثير من اللغات هناك ما يدل على الإسناد نحو الفعل etre في الفرنسية، و to be في الإنجليزية، و sein في الألمانية، و " ايست " في الفارسية، إذن الإسناد له علامة لا يوجد إلا بها (حسب ما أفهم) فهو الرابطة الإسنادية في الجملة، وذلك مثل الرفع تقريبا الذي يأتي لمعنىً.

الإسناد علاقة معنوية بين الألفاظ قد يكون له علامة وقد لا يكون له علامة، فالمبنيات لا تتحمل العلامة ولكن الإسناد قائم.

أخي الكريم هذا مبلغ اجتهادي وتقبل تحياتي واسلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير