تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[17 - 10 - 2008, 02:56 م]ـ

أخي أبا عمار وفقه الله

أشكرك لجهودك ولخاتمتك الرائعة وانطلاقًا من دعوتك للنقاش سأقف بعض الوقفات.

كيف يقال الرفع أصل في الاسم، والفعل المضارع، في حين أن الفعل – بما فيه المضارع - مختلف في تأصيله في الإعراب، ومن نظر إلى عبارة ابن مالك في الخلاصة علم ذلك؛ إذ يقول:

وأعربوا مضارعًا إن عريا ... من نون ..........

فقوله " أعربوا " يشير إلى كون الأصل في المضارع البناء ثم يعرب حملاً على الاسم.

لا تناقض بين فكرة بناء الفعل وإعراب المضارع لأن القول بأن الأصل في المعرب الرفع تعني أن ما يعرب من الأشياء المبنية فإن إعرابها يكون على الأصل في المعربات وهو الرفع، لأنه يخرج عن هذا الأصل بدخول عوامل النصب والجزم. وهذا الأصل هو ما حاول التعبير عنه بعض النحويين بالتجرد من الناصب والجازم.

يرى بعض النحاة كقطرب – وإن كنا لا نوافقه - أن الإعراب لم يدخل ليفرق بين المعاني وإنما ليفرق بين الوصل والوقف.

أحسب هذا القول لا علاقة له بالموضوع.

قال الزجاج في الإيضاح: " وإنما أعربت العرب كلامها؛ لأن الاسم في حال الوقف يلزمه السكون للوقف، فلو جعلوا وصله بالسكون أيضًا لكان يلزمه الإسكان فيهما فكانوا يبطئون عند الإدراج، فلما وصلوا وأمكنهم التحريك جعلنا التحريك معاقبا للإسكان ليعتدل الكلام ".

أحسب هذا لا علاقة له فليس محل نزاع أو خلاف.

قال الاستراباذي: " الرفع علم العمدة، والنصب علم الفضلة، والجرُّ علمالإضافة ". فلو كان الرفع أصلاً لكان الكل مرفوعًا.

لا تكون الأشياء كلها مرفوعة لأنها ليست من العمد، ولو اعتمدنا هذه الطريقة من الاستنتاج لقلنا لكان الكل منصوبًا، لكان الكل مجرورًا. والمعنى أنه لا يستنتج من قول الرضي مثل هذا الاستنتاج ولا خلاف بيننا أن العمد مرفوعة.

الروايات التي تفسر السبب في نشأة النحو جاء فيها موضع اللحن مرفوعًا تارة، ومنصوبًا أخرى، ومجرورًا ثالثة؛ ولو كان الرفع أصلا لما زلَّ اللسان وأخطأ بل لجرى على الأصل.

وهنا أيضًا لا تكون النتيجة صحيحة فالذي يلحن إنما يلحن باستعماله لغة فيها مرفوع ومنصوب ومجرور، ومستعمل اللغة لا علاقة له بالمصطلحات أو التحليل أو التفسير الذي يذهب إليه النحوي أو دارس اللغة. والقول بأن المعرب أصله الرفع لا يعني أن المفعول به كان مرفوعًا ونصب والمجرور كان مرفوعًا ثم جر، لا أحد يفكر بهذه الطريقة، دعنا نعكس المسألة ونقول إن الاسم مثلا إن لم يسبق بحرف جر، ولم يسبق بناصب حرفي أو فعلي فإنه يكون مرفوعًا فهذا الرفع الذي لم يسببه شيء هو ما يسمى بالرفع على الأصل.

جاء في أول كتاب سيبويه: " هذا مجاري أواخر الكلم العربية " ولكل منصف أن يدقق في كلمة (مجاري) ليعلم أنَّ الرجل ما ذكرها إلا ولها من المعاني ما لا يعرفها إلا من دق ذهنه، وعمق فكره.

أحسب أن في الموضوع هنا بعض المبالغة فشراح سيبويه بينوا لنا مراد الرجل من المجاري، وهي ألقاب لألفاظ الإعراب والبناء ففرق بين ألقاب الإعراب كالرفع والنصب والجر، وألقاب البناء كالضم والفتح والكسر. ولا أظن أن هذا يغير من الأمر شيئًا.

الإعراب من معانيه لغة – واصطِلاحًا – التغير، فكيف يكون التغير أصلاً.؟

الإعراب قابلية اللفظ للتغير، وهذا المرفوع حسب الأصل يمكن أن يتغير بخروجه إلى حالة أخرى كالنصب أو الجر: محمد منطلق/إنّ محمدًا منطلق. والرفع وإن يكن أصل الإعراب فليس سوى حالة من حالات الإعراب، بمعنى أن الإعراب فيه أصل وفرع وإنما يكون التغير من أصل إلى فرع. ولعلنا إن جعلنا الحالات الإعرابية متناظرة نصادم فكرة التغير. فالنصب قد يكون عن رفع كما في نصب المبتدأ بعد إنّ.

لمَ أغفل النحاة وحتى أصحاب المتون الإشارة إلى الأصل في الإعراب بينما أشاروا إلى ذلك في البناء كما فعل ابن مالك في الخلاصة:

.......................... ***** والأصل في المبني أن يسكنا

وأترك الإجابة لذوي القرائح.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير