قلتُ, وبالله تعالى التوفيق والسداد:
أحسنتِ أستاذتي الكريمة , وسلمت يمينك , ورفع الله تعالى قدرك , وبارك
فيك ,
فإن ما ذكرت أختنا الكريمة عين الضاد هو ما قرره جمهور الأئمة من السلف
والخلف , وعليه العمل عند أهل السنة والجماعة , واستقر الأمر إليه وعليه ,
وقبل أن أدلي بما منّ به الله تعالى عليّ تلبيةً لرغبة أستاذتي عين الضاد أشير
إلى أصل لا يجوز ولا يصح أن يغفله من تصدى لنصوص الكتاب والسنة ,
وهو أن الكلام في نصوص الكتاب والسنة له منهجية علمية أصلها أئمة العلم ,
ومنها أنه لا يصح الكلام في النص من جهة اللغة فقط , فقد يراد من النص غير
معناه اللغوي , فاللفظ القرآني له ثلاث دلالات: لغوية وعرفية وشرعية , فقد
يراد من اللفظ العرفية أو الشرعية بخلاف اللغوية , وقد يحتمل النص أكثر من
معنى من جهة اللغة , ولكن إذا رجعنا لبقية النصوص من الكتاب والسنة ونهج السلف
الصالح لعرفنا المقصود من جملة تلك الاحتمالات ,
ولذا فإن نصوص القرآن منها المجمل والمشكل والمحتمل والعام والخاص فإذا
رجعنا إلى السنة المبينة والمفسرة وضحت تلك النصوص وتقيدت , وبان
المقصود منها , والإعراب فرع المعنى , والمعنى الصحيح للنص القرآني لا
يتأتى بالنظر إليه بمفرده , ولذا لا يعتمد عليه بمفرده , بل لا بد من النظر إليه
مع جملة النصوص من الكتاب والسنة التي تدور في موضوعه ,
وعليه: فالنظر إلى الآية محل السؤال بمفردها لا يمكن من الوصول للحقيقة , بل
لا بد من الرجوع إلى جملة نصوص الكتاب والسنة المتعلقة بهذه الآية مع منهج
السلف الصالح , لأن كثيرًا من معاني القرآن تخفى على الناظر إليها إذا اكتفى
بها بمفردها , وتبين مع غيرها.
يقول العكبري في كتابه " التبيان في إعراب القرآن "
" وأرجلَكم " يقرأ بالنصب وفيه وجهان:
أحدهما: هو معطوف على الوجوه والايدي أي فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم، وذلك جائز في العربية بلا خلاف، والسنة الدالة على وجوب غسل الرجلين تقوى ذلك.
والثاني: أنه معطوف على موضع برءوسكم والأول أقوى لأن العطف على اللفظ أقوى من العطف على الموضع.
قلتُ: وسيأتي بيان ضعفه إن شاء الله تعالى.
ويقرأ بالجر وهو مشهور أيضا كشهرة النصب وفيها وجهان:
أحدهما: أنها معطوفة على الرءوس في الإعراب والحكم مختلف فالرءوس ممسوحة والارجل مغسولة وهو الإعراب الذي يقال هو على الجوار
قلتُ: فرق الخازن بين العطف على رءوسكم لفظًا وبين المجاورة ,
فجعل هنا أرجلكم معطوفة لفظًا على رءوسكم متعلقة معنىً بـ " فاغسلوا " ,
نحو قولهم:
" علفتها تبنًا وماءً باردًا " ,
فهنا " ماءً " معطوفة لفظًا على " تبنًا " متعلقة بفعل آخر دل عليه المعنى
والسياق والعقل , وهو " وسقيتها ".
وقولهم:
" يا ليت بعلك قد غدا متقلدًا سيفًا ورمحًا " ,
فـ " رمحًا " معطوفة لفظًا على " سيفًا " متعلقة معنًى بغير ما تعلق به ,
فتعلق " رمحًا " بـ " حاملاً " , لأن الرمح لا يُتقلد بل يحمل.
وهنا لا وجه للقول بالمجاورة.
وليس بممتنع أن يقع في القرآن لكثرته فقد جاء في القرآن والشعر,
قلتُ: منهم من منعه , وخص المجاورة بالنعت والضرورة الشعرية ,
والذي رأه جمع من المحقيقين: صحة المجاورة في النعت والتوكيد والعطف ,
وعدم قصرها على الضرورة الشعرية , بل وتعدت المجارة لغير ما ذكرنا إلى
التأنيث والتذكير.
والله الموفق.
ـ[عين الضاد]ــــــــ[24 - 07 - 2009, 05:36 م]ـ
بسم الله.
قلتُ, وبالله تعالى التوفيق والسداد:
أحسنتِ أستاذتي الكريمة , وسلمت يمينك , ورفع الله تعالى قدرك , وبارك
فيك ,
فإن ما ذكرت أختنا الكريمة عين الضاد هو ما قرره جمهور الأئمة من السلف
والخلف , وعليه العمل عند أهل السنة والجماعة , واستقر الأمر إليه وعليه ,
وقبل أن أدلي بما منّ به الله تعالى عليّ تلبيةً لرغبة أستاذتي عين الضاد أشير
إلى أصل لا يجوز ولا يصح أن يغفله من تصدى لنصوص المتاب والسنة ,
وهو أن الكلام في نصوص الكتاب والسنة له منهجية علمية أصلها أئمة العلم ,
ومنها أنه لا يصح الكلام في النص من جهة اللغة فقط , فقد يراد من النص غير
معناه اللغوي , فاللفظ القرآني له ثلاث دلالات: لغوية وعرفية وشرعية , فقد
¥