موقع الآخر يعني:
لو وقع الفاعل موقع المفعول انتصب , ولو وقع المفعول موقع الفاعل ارتفع ,
هذا هو معنى التعليل قصدتِ ذلك أو لا.
وهذا ليس بصحيح كما ذكرتِ أنت , وذلك لأن وقوع الفاعل موقع المفعول
والعكس مشهور في كلام العرب , ومع ذلك لم يرفعوا المفعول وينصبوا الفاعل
في تلك المواطن , بل كل بحركته الأصيلة.
بل كما لا يخفاك هناك مواطن يجب فيها أن يتقدم المفعول على الفاعل (يتأخر
الفاعل عن المفعول) , فلو أعملنا تعليلك لقلنا بوجوب نصب الفاعل فيها ورفع
المفعول ولا قائل بذلك , ومنها:
قوله تعالى: " وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ " ,
فهنا المفعول في موقع الفاعل والعكس , وهذا واجب , وبالرغم منه لم ينتصب
الفاعل ويرتفع المفعول , بل بقيا على أصل الحركة.
وقوله:"زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ "
على قولٍ ,
فهنا قتل مفعول مقدم ,و شركاء فاعل مؤخر , وكلاهما احتفظ بأصل حركته.
ونحو قولهم:
إنما كسر الزجاجَ الحجرُ , و ما أكل الرغيف إلا خالدٌ ,
فهنا المفعول في موقع الفاعل والعكس , وكل منهما بأصل حركته ,
وعليه: فتلك الأمثلة بينت عدم صحة ما ذكرت من تعليل لكونهم:
نصبوا الفاعل ورفعوا المفعول.
فقد حاولت الاجتهاد في فهم الجملتين اللتين ساقهما العلماء في هذا الصدد وهما:
- خرق الثوب ُ المسمار َ
- كسر الزجاج ُ الحجر َ
قلتُ: أسأل الله تعالى لك الأجر على هذا الاجتهاد , وفي الحديث من اجتهد
فأخطأ له أجر واحد.
وكان كلامي - المُلوّن بالأزرق - خاصا بهاتين الجملتين وليس في المطلق.
قلتُ: نعم. كلامك كان في تركيبين , ولكن التعليل يفيد العموم , فلما عللت
عممت , ومنها يأتي القياس في اللغة , وثبوت الحكم به.
فبالطبع ليس كل مفعول حلّ محل الفاعل وجب رفعه وليس كل فاعل حلّ محل المفعول وجب نصبه بناء ً على ما كتبتُه ,
قلتُ: وهذا الذي جعلنا نقول بعدم صحة تعليلك.
والله الموفق.
ـ[السلفي1]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 08:32 م]ـ
[ quote= نورالقمر;360168]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا أستاذي الفاضل السلفي وبارك لكم في علمكم.
وتساءلت لماذا لم يقولوا:
خرق المسمار َ الثوب ُ
كسر الحجر َ الزجاج ُ
ببقاء الفاعل في مكانه والمفعول في مكانه مع تغيير حركة الإعراب في إشارة إلى أنه قد يُنصب الفاعل ويُرفع المفعول عند أمن اللبس في الفهم
.
وجزاكم الله خيرا أستاذي الكريم.
بسم الله.
قلتُ ,وبالله تعالى التوفيق والسداد:
أختي الكريمة.
قولهم: " خرق الثوبُ المسمارَ " , و " كسر الزجاجُ الحجرَ " ,
من باب الشذوذ , والشاذ لا يقاس عليه , ولا حكم له , وإنما قالوهما عندما آمنوا
اللبس؛ إذْ المعنى مفهوم وواضح وجلي , وهذه علة قولهم , لا ما عللت أنت به
مما بينا ضعفه.
والذي ينقدح في ذهني أن هذين التركيبن كانا يجريان بين العرب من باب
العرف , بمعنى أنهم تعارفوا على المعنى الحقيقي للتركيبين واللفظ الشاذ
المؤدى به المعنى , وهم لم يقصدوا أن الفاعل ينصب والمفعول يرفع , فقد لا
يراد من اللفظ دلالته , وخصوصًا إذا جرى به العرف ,
نحو قول الرسول عليه الصلاة والسلام: " ثكلتك أمك " , و " حلقى عقرى "
, فهذه كلمات جرى بها العرف , ولا يراد معناها ,
نحو قولنا في مصر: " يخربيتك " و " يا ابن الإيه " , فهذه كلمات عرفية
لا يراد بها المعنى ,
وإذا علمنا أن العرب نصبت الفاعل ورفعت المفعول شذوذًا , ولا تقصده ,
فلا يصح التفريع على هذا الشاذ المتروك الغير معمول به , فنقول لم لم
يقولوا: ما ذكرتِ ,
لأن ما ذكرتِ تفرع عن شاذ , فلا يصح سؤاله , لأن القواعد على خلافه ,
فكأنك تأمرين إما بشاذ أو لحن في اللغة ,
والله الموفق.
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 08:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهمت أستاذي الكريم وجزاك الله خيرا، والحمد لله على وجود أساتذة في هذا المكان يصوبون لنا ويصححون أخطاءنا ونتعلم منهم الصواب فنتجنب الزلات إن شاء الله.
شكرا جزيلا لكم.
ـ[السلفي1]ــــــــ[29 - 07 - 2009, 10:37 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول ابن مالك:
وإنما تلزم فعل مضمر * متصل أو مُفهم ذات حر
¥