ونوعٌ مُختَصٌّ باليقين،
ونوعٌ صالِحٌ للظن واليقين،
ونَوعٌ للتَّحويل.
فَلِلأَوَّل وهو الظن:
"حَجَا يَحجُو" و "عدَّ" لا لِلحِسبان و "زعَم" و "جعَل" و "هب" بصِيغَةِ الأمر للمُخَاطَبِ غَير مُتصرِّف.
وللثاني وهو اليقين:
"عَلِم" لا لِعُلْمَةٍ، وهي شَقُّ الشَّفَةِ العُليا، و "وجَدَ" و "ألفى" و "درَى" و "تعَلَّم" بمعنى أعْلم.
وللثالث وهو الظَّن واليَقين:
"ظنَّ" و "حسِب" و "خالَ" و "وهَبَ" و "ردَّ" و "ترَك" و "تخَذ" و "اتَّخَذ".
(= في أبوابها).
وتنصب هذه الأفعال هي وما يتَصَرَّف منها (إلا: هَبْ وتَعلَّمْ فإنَّهَما لا يَتَصَرَّفَان) تَنْصِبُ مَفْعُولَين أصْلُهُما المُبتَدأ والخَبَر.
-6 الإلْغَاءُ والتَّعْلِيق:
يَعتَرِي هذِه الأفعالَ التي تَتَعدَّى إلى مَفعُولَين أصلُهُما المُبتدأ والخَبَر أمران:
أوَّلهُما: الإلغَاءُ، والثاني: التَّعليق.
فالإلغَاءُ إبْطَالُ تَعَدِّيهما إلى مَفعُولَين لَفْظاً وَمَحَلاًّ، إمَّا بِتَدُّم العَامِل، أو بتَوَسُّطه، أو بِتأخُّره.
فالأوَّل نحو: "ظَننتُ زَيْداً قائماً" ويمتنعُ الرفع عند البصريين، ويَقْبح، ويجب عندهم نَصبُ الجُزْأين: "زَيْدٍ وقائمٍ وهو الصحيح، ويَجُوزُ عند الكُوفيين والأخفش ولكنَّ الإعمالَ عندهم أحسنُ أمَّا قولُ بعضِ بني فَزَارة:
كذاكَ أُدِّبْتُ حَتى صَارَ من خُلُقِي * إني وَجَدْتُ مِلاَكُ الشيمةِ الأدبُ
فالرِّواية الصّحيحة نَصبُ مِلاك والأدَب كما فِي الحماسة.
والثاني: ويجوزُ بلا قبح ولا ضَعفٍ في توسُّطِ العاملِ نحو "زيداً ظَنَنْتُ قائماً" والإعْمال أقوى، ومن تَوَسُّطِ العَامِلِ قَوْلُ اللَّعِين المِنْقري أبُو الأُكَيْدِر يَهْجُو العَجَّاج:
أبا الأَرَاجِيز يا بنَ اللَّؤْم تُوعِدُني * وفي الأَراجِيز خِلتُ اللُؤمُ والخَوَرُ
والاصل: اللؤمَ الخَورا، والمفعول الثاني متعلَّق وفي الأَراجيز ومثله في تأخيرِ العَاملِ تقول: "عَمْرٌو آتٍ ظَنَنْتُ "يَجُوز الإلْغَاءُ، والإعمَال، ولكنَّ الإلغَاءَ هُنا أَقْوى من إعْمَالِه، لأَنَّه كما يقول سيبويه إنما يَجيئُ بالشَّك، بعد ما يَمضي كلامُه على اليَقِين ومن التأخير قول أبي أسَيْدة الدُّبَيري:
هُما سَيِّدَانا يَزْعُمان وإِنَّما * يَسودَانِنَا إن أيْسَرَتْ غَنَماهُما
أما الثاني وهو التَّعليق:
فإنَّه إبطالُ العَمَلِ لَفظاً لا مَحَلاً لِمَجيء مَالَهَ صَدرُ الكلامِ، وذلكَ في عِدَّة أشياء:
(1) "لامُ الابتداء" نحو: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ مَا لَهُ في الآخِرةِ مِنْ خَلاق} (الآية "102" من سورة البقرة "2") فالجُمْلةُ مِنْ لَمَن اشْتراهُ سَدَّت مَسَدَّ مَفْعُولي عَلِمُوا.
(2) "لام القسم" كقول لبيد:
ولقد عَلِمتُ لَتأتِيَنَّ مَنِيَّتي * إنَّ المَنَايَا لا تَطِيشُ سِهامُها
(3) "ما" النَّافية، نحو {لَقَدْ عَلِمتَ مَا هَؤلاءِ يَنْطِقُون} (الآية "65" من سورة الأنبياء "21").
(4 و 5) لاَ النَّافية و "أنْ" النافية الواقِعَتَان في جَوابِ قَسَم مَلفُوظٍ به أو مُقَدَّر، نحو "عَلِمتُ واللَّهِ لا عَمرٌو في البَلَدِ ولا خَالِدٌ" ومثال إن النافية "وَلَقَدْ عَلِمتُ إن عَامِرٌ إلاَّ مُثابرٌ ومُجدٌّ".
(6) الاستِفهامُ ولَه حَالَتَان:
(إحْداهُما) أن يَعتَرِض حَرْفُ الاستِفهَام بَينَ العَامِل والجُملَة نحو: {وإن أدري أَقَرِيبٌ أم بَعيدٌ مَا تُوعَدُون} (الآية "109" من سورة الأنبياء "21").
(الثانية) أن يكونَ في الجُملةِ اسمُ استِفهامٍ عُمْدة كأيّ نحو: {لِنَعلَمَ أيُّ الحِزبَينَ أَحصَى} (الآية "12" من سورة الكهف "18") أو فَضلةً، نحو: {سَيَعلمُ الذينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلبٍ يَنْقَلِبُون} فأيَّ هنا مَفعُول مُطلَق ليَنقَلِبُون، والجُملةُ بعد المُعَلَّق سادَّةٌ مَسَدَّ المَفعولينِ، إن كان يَتَعَدَّى إليهما، ولم يَنصِبِ الأوَّل، فإن نصَبَه سَدَّت الجُملةُ مَسَدَّ الثاني نحو "عَلِمتُ خالداً أبو مَن هو"، وإن لم يَتَعَدَّ إليهما فإن كانَ يَتَعَدَّى بحَرفِ الجَرِّ فَهِي في مَوضِعِ نَصْبٍ بإسقاط الجَارِّ، نحو: "فَكَّرتُ أَهَذا صَحِيحٌ أم لا" وإن كان يَتَعَدَّى إلى واحِدٍ سَدَّت مَسَدَّهُ نحو "عرفتُ أيُّهم محمد".
-7 تَصاريفُ هذه الأفعال في الإعمال والإلغاء والتعليق:
¥