تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[باء المصاحبة]

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[09 - 05 - 2005, 05:44 م]ـ

قال ابن مالك في شرح التسهيل:

وباء المصاحبة هي التي يحسن في موضعها (مع)، وتغني عنها وعن مصحوبها الحال، كقوله تعالى: (قد جاءكم الرسول بالحق) أي: مع الحق، ومحقا. وكقوله تعالى: (اهبط بسلام منا وبركات عليك) أي: مع سلام، ومسلَّما.)

ثم قال ابن مالك:

(ومساواة هذه الباء (مع) قد يعبر عنه سيبويه بالمفعول به)

لم يشر محققا شرح التسهيل إلى الموضع الذي ذكر فيه سيبويه هذا الأمر في كتابه مع أن من منهجهما الإحالة إلى مواضع آراء سيبويه التي يذكرها ابن مالك.

وقد استعنت بالفهارس التي وضعها شيخي الأستاذ الدكتور محمد عبد الخالق عضيمة رحمه الله فيما يخص معنى الباء الجارة ومعنى (مع) فلم أهتد لشيء، وكذلك لم تفدني فهارس طبعة عبد السلام هارون فيما يتعلق بمعنى الباء ومعنى (مع).

ثم هداني الله إلى أن واو المعية تشترك مع (مع) ومع الباء في الدلالة على المصاحبة، فرجعت إلى باب المفعول معه فإذا بسيبويه قد ذكر هذا الأمر هناك، ولكن هل صرّح بالتسوية بين (مع) وبين (الباء)؟

لا لم يصرح سيبويه أن (مع) مساوية الباء في الدلالة على المصاحبة، ولكن ابن مالك رحمه الله استنبط ذلك من أمثلة سيبويه، لأنه رحمه الله لا يورد كلامه اعتباطا وإنما يورده منظما لغاية يلحظها العلماء، فكيف استنبط ابن مالك هذا المعنى من سياق كلام سيبويه؟

قال سيبويه:

(هذا باب ما يظهر فيه الفعل وينتصب فيه الاسم لأنه مفعول معه ومفعول به ... وذلك قولك: ما صنعتَ وأباك ... إنما أردتَ ما صنعتَ مع أبيك)

ففسر سيبويه الواو هاهنا بـ (مع).

ثم قال سيبويه:

(ومثل ذلك: ما زلتُ وزيداً حتى فعل، أي: ما زلت بزيدٍ حتى فعل، فهو مفعول به)

ففسر سيبويه الواو هذه المرة بالباء.

ولأن سيبويه فسر الواو مرة بـ (مع) وفسّرها مرة أخرى بالباء الدالة على المصاحبة استنبط ابن مالك من هذين التفسيرين أن سيبويه ساوى الباء الجارة بـ (مع) في الدلالة على المصاحبة. أما كون المجرور بهذه الباء والمذكور بعد واو المعية في حكم المفعول به فقد صرح به سيبويه كما هو مذكور في كلامه.

فلله در هذين العالمين الجليلين!!!

مع التحية الطيبة والتقدير.

ـ[عاشقة لغة الضاد]ــــــــ[09 - 05 - 2005, 07:34 م]ـ

للهِ دَرُهُما .. !!

و للهِ أنتَ أيها الأغر .. !!

مشاركةٌ غراء .. جميلة ..

دمتَ بخير أخي الفاضل.

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[09 - 05 - 2005, 11:39 م]ـ

عاشقة اللغة الغراء دمت سنى ****** ينير درب الهدى في الفكر والأدب

مررتمُ ها هنا، نثرتم دررا ****** قد زانت المنتدى في وشيه الذهبي

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[09 - 05 - 2005, 11:50 م]ـ

يا عمدة المنتدى الزاهي بطلعته ***** دمت لنا شامخا بالعز مؤتزرا

يسير في ركبك السامي أساتذة ***** سنى علومهم قد جاوز القمرا

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[13 - 05 - 2005, 02:28 ص]ـ

أخي العزيز الأستاذ أبا محمد ... لا زالت سحائب علمه تسقي رياض المنتدى غدقا لتسر الناظرين ..

وددت لو كنت شاعرا لأزين قصائدي بالحديث عن طيب شمائلكم وأوفيكم ما تستحقون من الثناء، ولكني عن رياض الشعر ناء، فتقبل مني هذه الأبيات:

سلام من ربا البلد الحرام=إلى الهطّال جودا كالغمام

عميدَ المنتدى علما وحلما=رصينُ الشعر موزونُ الكلام

أتتني منكم أطواق نور=يبدّد في المدى جور الظلام

سأذكرها قلائد خالدات=كذاك الجود مِنْ نَالِ الكرام

وأشكرها على مرّ الزمان=كشكر الروضِ أنداءَ الرِّهام

مع تحيات أخيك المحب

أبي محمد الأغر

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[13 - 05 - 2005, 03:30 م]ـ

قال سيبويه في بيان معنى الباء الجارة:

(وباء الجر إنما هي للإلزاق والاختلاط، وذلك قولك: خرجت بزيد، ودخلت به، وضربته بالسوط: ألزقت ضربك إياه بالسوط، فما اتسع من هذا في الكلام فهذا أصله.)

يعني رحمه الله أن المعنى الأصلي للباء هو الإلزاق، وهو يعني: الإلصاق، والإلصاق هو الذي اشتهر واستعمل لدى النحويين، ثم يتوسع في الكلام فيراد بالباء معان أخر ترجع في النهاية إن تفكرنا فيها إلى الإلصاق، فمن ذلك التعدية مثل: ذهبت بزيد، فقد ألصقت ذهابك بزيد، وإن كان الإلصاق هنا معنويا أو مجازيا، وكذلك الاستعانة في نحو: كتبت بالقلم، فقد ألصقت كتابتك بالجزء الذي يكتب من القلم، وكذلك السببية في نحو: أحب الناس زيدا بحسن أخلاقه، أي بسبب حسن أخلاقه، ومعنى الإلصاق فيه أنك جعلت حب الناس ملصقا بأخلاقه الحسنة، ولأن حبهم تناول أخلاقه الحسنة أحبوا صاحبها أيضا. ومن ذلك أيضا الظرفية المكانية كقوله تعالى: (ولقد نصركم الله ببدر)، فقد نزل النصر في بدر وحصل الإلصاق بينه وبين هذا المكان، والإلصاق هنا أيضا معنوي، أو الزمانية كقوله تعالى: (نجيناهم بسحر) فالنجاة ألصقت بوقت السحر والإلصاق هنا أيضا مجازي.

ومثل ذلك معنى المصاحبة بل إن معنى المصاحبة لازم للإلصاق، فكل إلصاق فيه مصاحبة، وقد ذكر ابن مالك شاهدين من القرآن الكريم لباء المصاحبة، وأنا ذاكر فيما يأتي بعض الشواهد الشعرية:

قال المرار بن منقذ:

كم ترى من شانئ يحسدني***** قد وراه الغيظ في صدر وَغِرْ

وحشوت الغيظ في أضلاعه***** فهو يمشي حَظَلانا كالنقِرْ

لم يضرني ولقد بلّعْتُه ******* قِطَعَ الغيظِ بصابٍ وصَبِر

الشاهد قوله: قطع الغيظ بصاب وصبر، أي: قطع الغيظ مع صاب وصبر.

وقال عمرو بن الأهتم:

ألا طرقت أسماء وهي طروق ***** وبانت على أن الخيال يشوق

بحاجة محزون كأن فؤاده ******* جناح وهى عظماه فهو خفوق

اي: بانت مع حاجة محزون.

وقال عمرو بن شأس يخاطب امراته التي كانت تؤذي ابنه عرارا:

أردتِ عرارا بالهوان ومن يرد ****** عرارا لعمري بالهوان فقد ظلم

أي: أردت عرارا مع الهوان أي: مهينا.

وقال زفر بن الحارث:

أريني سلاحي لا أبا لك إنني ***** أرى الحرب لا تزداد إلا تماديا

أتاني عن مروان بالغيب أنه ***** مُقِيدٌ دمي أو قاطع من لسانيا.

اي: مع الغيب، أو غائبا أو مغيبا.

مع التحية الطيبة من أخيكم الأغر ..

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير