تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[فائدة الحرف الزائد]

ـ[محمد عبد الله]ــــــــ[10 - 05 - 2005, 02:12 م]ـ

ذكر النحويون من أنواع الحروف الحرف الزائد، قال ابن يعيش: (ويعني بالزائد أن يكون دخوله كخروجه من غير إحداث معنى) (1)، ويسمونه كذلك الصلة والحشو واللغو، قال الرضى عن الحروف الزائدة (… وسميت أيضاً حروف الصلة لأنها يُتوصَّل بها إلى زيادة الفصاحة أو إلى إقامة وزن أو سجع أو غير ذلك) (2)، قال ابن يعيش: (والصلة والحشو من عبارات الكوفيين والزيادة والإلغاء من عبارات البصريين) (3).

قال الرعيني: (والزائد على قسمين: زائد عامل مؤكِّد نحو: ما جاءني من أحدٍ، فـ (مِنْ) زائد عامل مؤكِّد، وزائد مؤكِّد غير عامل نحو: ما إِنْ يقوم زيد، فـ (إِنْ) زائد مؤكِّد غير عامل. هذه القسمة المرضية) (4). ثم ذكر الرعيني أن هناك مَنْ زاد قسمين آخرين، قال: (وأما مَنْ زاد قسمين آخرين: حرف زائد عامل غير موكِّد نحو: قد كان مِنْ مطرٍ، فـ (مِنْ) عنده زائد عامل غير مؤكِّد، وحرف زائد غير عامل ولا مؤكِّد ومَثَّلَهُ بقوله تعالى: (فبما رحمةٍ من الله لنت لهم) (5) فـ (ما) عنده زائد غير عامل ولا مؤكِّد فجعل القسمة أربعة فزيادته في القسمة غير صحيحة لأنه يؤدي إلى أن يكون في كتاب الله حرفٌ خالٍ من المعنى ألبتة، والقسمان راجعان إلى القسمين الأولين فقولهم (قد كان مِنْ مطرٍ) داخل في قسم الحرف الزائد العامل المؤكِّد، وقوله تعالى (فبما رحمة من الله لنت لهم) (5) داخل في قسم الحرف الزائد المؤكِّد غير العامل) (6)

وأصل هذا الخلاف في التقسيم يجري حول فائدة الحرف الزائد، فمن ذهب إلى أن كل حرف زائد لا يخلو من معنى التأكيد قال بمثل قول الرعيني، ومن رأى أن الحرف الزائد قد يخلو من معنى فستزيد عنده أقسام الحرف الزائد. والذي وجدته من كلام النحويين أن الحرف الزائد لا يخلو من معنى التأكيد، قال سيبويه في الكلام عن (ما): (… وقال الله عز وجل (فبما نقضهم ميثاقهم) (7) وهي لغوٌ في أنها لم تُحْدِث إِذْ جاءت شيئاً لم يكن قبل أن تجيء من العمل وهي توكيد للكلام) (8)، وقال أيضاً عن (لا): (وأما (لا) فتكون كما في التوكيد واللغو، قال الله عز وجل (لئلا يعلم أهل الكتاب) (9) أي لأَنْ يَعْلَم) (10). وقريب منه كلام الزجاج (11) عند الحديث عن قوله تعالى (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضةً فما فوقها) (12)، وقال ابن السراج: (وحق المُلْغى عندي أن لا يكون عاملاً ولا معمولاً فيه حتى يلغى من الجميع وأن يكون دخوله كخروجه لا يحدث معنى غير التأكيد) (13)، وكذلك قال ابن جني عن الحروف: (وأما زيادتها فلإرادة التوكيد بها) (14). بل قد ذكر بعض النحويين للحرف الزائد أكثر من فائدة التوكيد، قال الرضي: (قيل فائدة الحرف الزائد في كلام العرب: إما معنوية وإما لفظية فالمعنوية تأكيد المعنى كما تقدم في (مِنْ) الاستغراقية والباء في خبر (ما) و (ليس) .. وأما الفائدة اللفظية فهي تزيين اللفظ وكون زيادتها أفصح أو كون الكلمة أو الكلام بسببها تهيّألاستقامة وزن الشعر أو لحُسْن السجع أوغير ذلك من الفوائد اللفظية) (15)، وكذلك قال الخوارزمي عن هذه الحروف الزائدة: (محصول ومذاهب الناس في هذه الحروف على قولين: أحدهما: أنها زيدت للتوصل إلى الفصاحة فربما لم يتمكن اللفظ المفرد في الوزن أو في شيء من الأمور اللفظية فإذا دعم بشيء من هذه الزوائد صلح. الثاني: أنها زيدت توكيداً للمعنى) (16).

وقد سَبَّبَتْ تسمية هذه الحروف زائدة أن توهم بعضهم أن هذه الحروف لا فائدة منها وأنها لا تحمل معنى، وقد حمل هذا التوهم على أن أنكر بعضهم وقوعها تنزيهاً لكلام الله تعالى أن يقع فيه حرف لا فائدة منه، قال ابن يعيش: (وقد أنكر بعضهم وقوع هذه الأحرف زوائد لغير معنى إِذْ ذلك يكون كالعبث والتنزيل مُنَزَّهٌ عن مثل ذلك، وليس يخلو إنكارهم لذلك من أنهم لم يجدوه في اللغة أو لما ذكروه من المعنى، فإن كان الأول فقد جاء منه في التنزيل والشعر مالا يحصى على ما سنذكره في كل حرف منها، وإن كان الثاني فليس كما ظنوا لأن قولنا (زائد) ليس المراد أنه قد دخل لغير معنى ألبتة بل يزيد لضرب من التأكيد والتأكيد معنى صحيح) (17)، وقد بَيَّنَ الرضي سبب تسمية هذه الحروف بالزائدة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير