تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[26 - 05 - 2005, 02:33 ص]ـ

قال ابن مالك:

أجمع النحويون على منع تقديم التمييز على عامله إذا لم يكن فعلا متصرفا، فإن كان إياه نحو: طاب زيد أبا، ففيه خلاف، والمنع مذهب سيبويه، والجواز مذهب الكسائي والمازني والمبرد وبقولهم أقول قياسا على سائر الفضلات المنصوبة بفعل متصرف ولصحة ورود ذلك في الكلام الفصيح بالنقل الصحيح، كقول ربيعة بن مقروم الضبي:

وواردة كأنها عصب القطا ***** تثير عجاجا بالسنابك أصهبا

رددت بمثل السيد نهد مقلص ***** كميش إذا عطفاه ماءً تحلبا

وكقول الآخر:

أتهجر ليلى بالفراق حبيبها ***** وما كان نفس بالفراق تطيب

وكقول الآخر:

ضيعت حزمي في إبعادي الأملا ***** وما ارعويت ورأسي شيبا اشتعلا

ومثله:

ولست إذا ذرعا أضيق بضارع ****** ولا يائس عند التعسر من يسر

ومثله:

أنفسا تطيب بنيل المنى ******* وداعي المنون ينادي جهارا. انتهى

وسأقف في هذا التعليق عند الشاهد الأول غير زاعم أني في مقام يخولني الرد على ابن مالك، ولكنني أجتهد بما تعلمته منه رحمه الله وأثابه، وهو نفسه قد ردّ قول سيبويه، ولا إخاله كان يعتقد أنه يدانيه في المنزلة، والشاهد هو قول ربيعة بن مقروم الضبي:

وواردة كأنها عصب القطا ***** تثير عجاجا بالسنابك أصهبا

رددت بمثل السيد نهد مقلص ***** كميش إذا عطفاه ماءً تحلبا

يصف رده لكتيبة واردة تثير عجاجا أصهب بفرسه الذي يشبه الذئب في السرعة، وهو يبقى سريعا إذا تعرق عطفاه.

وموضع الاستشهاد: إذا عطفاه ماء تحلبا، حيث قدّم التمييز (ماء) على عامله وهو الفعل (تحلب).

قلت: من المعلوم أن (إذا) لا تدخل إلا على الأفعال، فعطفاه فاعل لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور، والتقدير: إذا تحلب عطفاه ماء تحلبا، وعلى هذا يمكن أن يجعل العامل في التمييز هذا الفعل المحذوف الذي هو في قوة المذكور بدليل رفعه للفاعل، فلا مانع أن يكون عاملا في التمييز أيضا، فلا يكون البيت شاهدا على تقدم التمييز على عامله إلا على مذهب من يجعل المرفوع بعد إذا مبتدا، وليس ذلك مذهب ابن مالك.

فإن قيل: الفعل المذكور أولى بالإعمال من المحذوف، لأن العامل يضعف بالحذف حتى إن بعض العوامل يفقد عمله، وإن كان معناه باقيا، كأن الناصبة للمضارع في نحو: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، فالجواب أن ذلك صحيح لو وقع التمييز في موقعه الأصلي بعد الفعل المذكور فيما لو قيل: إذا عطفاه تحلبا ماء، لأنه عندئذ يتنازعه فعلان أحدهما محذوف بعيد والثاني مذكور قريب، فيكون المذكور القريب أولى بالإعمال فيه، أما وقد تقدم التمييزعلى الفعل المذكور فقد زال عن موضعه الأصلي، وصار أقرب إلى الفعل المحذوف فكان المحذوف أولى بالعمل فيه كما كان أولى بالعمل في الفاعل نفسه.

وإلى اللقاء مع الشواهد الأخرى إن شاء الله.

مع التحية الطيبة والتقدير.

ـ[بل الصدى]ــــــــ[21 - 04 - 2009, 11:36 م]ـ

رفع للفائدة

ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[21 - 04 - 2009, 11:44 م]ـ

حيّاك الله أستاذنا الأغر، وبارك فيك، ها قد أطلَّت رائحتك العطرة وإن لم تكن بيدك فبيد من يحبونك!!!

ونحن ننتظر يدك

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[24 - 04 - 2009, 02:36 ص]ـ

أشكر الأستاذة الفاضلة بل الصدى على رفعها لهذا الموضوع الذي أنسيت أنني شاركت فيه، وأشكر الأخ أبا عمار على لفتته الكريمة ..

أظن أنني علقت على شواهد ابن مالك في موضوع القول في (ما) والذي استدركه هنا على ما قلته في هذه النافذة أن مذهب ابن مالك في دخول إذا على الجملة الاسمية اختلف في شرح التسهيل عما كان عليه في شرح الكافية الشافية، فقد أجاز بعد أن كان قد منع، ولكن يبقى الاحتجاج بهذه الشواهد محل نظر لأنها محل اختلاف. ولعلي أفرد موضوعا عن الأفعال التي تنصب التمييز وضعفها عن أن تعمل فيه مع تقديمه.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير