تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أود أن أخبرك أنني وجدتك ذا خلق رفيع وأدب سام وعلم غزير في أول رد لك على تعليق لي على قول الشاعر: أعد الليالي ليلة بعد ليلة، إذا كنت تذكره. وبيت الكتاب هذا مرّ بي كثيرا قبل الآن، ولكني كنت دائما أنظر إلى موضع الشاهد منه ولا أتجاوزه، ولكن استشهاد الشاطبي رحمه الله به على مجيء الحال من المضاف إليه دفعني إلى أن أتخذ البيت شاهدا يدعم ما توصلت إليه من جواز مجيء الحال من المضاف إليه إذا كان المضاف ظرفا، وأحببت أن أقتبس الشطر الثاني من البيت لأشيد بطيب شمائلكم مع ما يتضمنه من إشارة إلى أن اجتهادي له ما يؤيده.

بقي أن تسمحوا لي بالتعليق على ترجيحكم خبرية جملة (قد تعلت نجومها) على كونها حالا من الثريا، فأقول إن كونها حالا لا يتعارض مع الدلالة على ثبات علو منزلة بني حرب ودوامها في نظر الشاعر، لأن هذه الحال جزء من الخبر، والمعنى: إن بني حرب في منزلة الثريا عندما تكون الثريا في أعلى موقع لها، ولا يعني أنه إذا تحولت الثريا من تلك المنزلة انحطت منزلة بني حرب أيضا، وإنما يريد أن منزلتهم عالية دائما علو نجوم الثريا حالة كونها في أعلى مكان لها في السماء. وإنما ضعّفت خبريتها لأن الضمير في (نجومها) ينبغي أن يعود لأقرب مذكور وهو الثريا.

والبيت نسبه ابن السيرافي إلى عبد الرحمن بن حسان بن ثابت في مدح معاوبة بن سفيان، وأورد له ثانيا:

وكل بني العاصي سعيد ورهطه ***** منازلُ مجد هابها من يرومها

فمن أجاز أن يكون (قد تعلت نجومها خبرا ثالثا) فعليه أن يجيز أن تكون جملة (هابها من يرومها) خبرا ثانيا لـ (كل بني العاصي) وفيه بعد لأن الأولى في الضمير في (هابها) أن يعود لمنازل مجد، لأنها أقرب مذكور، فتكون جملة (هابها) صفة للمنازل لا خبرا ثانيا.

أما دامية الحواشي فأمرها أهون من أن يكون هاجسا لي وإن كان آلمني وآلم كل منصف ما ألمّ بها، وحسبي أنّ الله قد تكفل بالفصل وبيان الحق، وهذا إن لم يقع في هذه الحياة فإنه واقع في الآخرة لا محالة.

أدعو الله أن يهدينا وإياكم لما اختلف فيه من الحق، ويجمعنا في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.

مع التحية الطيبة والتقدير.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير