ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[21 - 05 - 2008, 07:40 ص]ـ
الأرشيف العثماني ... وكنوز تاريخ القدس
إعداد / عيسى القدومي
الوثائق عماد التاريخ وشاهد عيان على الأحداث التاريخية ومادة المؤرخ , وحين تنعدم الوثائق أو يتعذر وجودها فعلى المؤرخ أن يصمت لأنه يفقد الدليل الذي يغني عن البيان , فالمؤرخ بلا وثيقة في رحاب التاريخ كالقاضي ينظر قضية في محكمة تغيب عنها شهود الدفاع والادعاء.
يقول الكاتب أوزوريس المتخصص في التاريخ: " على الرغم من أهمية الوثيقة إلا أنها لا تصنع التاريخ ولا يمكن إصدار حكم صريح, فالوثيقة هي الكلمة وهي رغم كونها الوحدة الأساسية في كتاب المؤرخ الذي لا تقوم صناعته إلا بها، إلا أنها مع ذلك ليست مفيدة في حد ذاتها حين توضع عشوائياً جوار أخرى. فالكلمات ما لم تنظم لا تؤلف جملة مفيدة كما أن الجمل المفيدة في ذاتها لا تصنع كتاباً ما لم تنسق وفق خطة محكمة بمعرفة ودراية وصولاً إلى المعنى المنشود.
ويعد الأرشيف العثماني من أهم المراجع التاريخية، ومصدراً أساسياً في فهم ودراسة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكافة الأقطار والأقاليم التي كانت واقعة ضمن حدود الدولة العثمانية؛ وبالأخص المعلومات حول مدينة القدس. بل ويؤكد متخصصون أن الأرشيف العثماني هو الأكبر في العالم، ويصفه البعض بأنه بحر من الوثائق والسجلات والمعلومات التي تروي ملامح التاريخ الكامل لخلافة امتدت حدودها عبر قارات ثلاث لأكثر من ستة قرون.
وأهمية الوثائق العثمانية الموجودة بأرشيف اسطنبول اليوم تنبع من احتوائها الكثير فيما يتعلق بالقدس وفلسطين وبمخططات الصهيونية العالمية للاستيلاء على القدس وفلسطين قبل حوالي قرن من الزمان.
ففي جلسة بعنوان " دور الإعلام العربي والدولي في قضية القدس " على هامش أعمال الملتقى القدس الدولي الذي عقد في اسطنبول في الفترة 15 - 17 نوفمبر 2007م، آلمني ما سمعت من الباحث التركي أحمد زكى أوزجير المتخصص بالوثائق العثمانية، والذي يعمل بالأرشيف العثماني كذلك، من ازدياد عدد الأكاديميين اليهود والباحثين والمختصين الذين ينقبون في وثائق الأرشيف العثماني المتعلق بالقدس وفلسطين، وتضاءل عدد العرب والمسلمين المهتمين بهذا الشأن.
وأوضح الباحث "أوزجير" أن الدولة العثمانية أولت اهتماما كبيرا بالأوراق والوثائق والمكاتبات والسجلات حيث بدأ هذا الاهتمام في عصر السلطان مصطفى - القرن الثامن عشر- بإنشاء الخزينة الخاصة بالوثائق ثم أنشئ الأرشيف أو خزينة الأوراق في عهد السلطان عبد المجيد، مما يبرز الأهمية التي أعطتها الدولة للأوراق الرسمية وقيود السجلات والمكاتبات ".
وأضاف "أوزجير": " أن الأرشيف يحوي 100 مليون وثيقة متعلقة بالعالم العربي، ويتضمن خزينة كبيرة من الوثائق والأوراق المتعلقة بالقدس وفلسطين، وأعتقد أنها أهم الوثائق التاريخية الخاصة بالقدس ". ثم أردف "أوزجير": " إن أهمية هذه الوثائق أنها تبرز الحقوق التاريخية للمسلمين هناك وتؤكد عدالة حكمهم وقت الدولة العثمانية حيث لم يكن هناك مكاناً للتفرقة بكل أنواعها وكانت الإدارة تتعامل بعدل مع غير المسلمين من النصارى واليهود وإن عقد مقارنة واحدة بين ما كان من شكل وقرارات الإدارة في تلك الأزمنة وبين ما يحدث اليوم على أيدي اليهود للمسلمين أو غيرهم في القدس وفلسطين كفيلاً بإبراز الفرق".
وأشار أوزجير " إلى أن هناك أعداداً كبيرة تتعلق بوثائق القدس وفلسطين في العهد العثماني الأخير خاصة أيام السلطان عبد الحميد الثاني - توفى 1918م - حيث كان وقتها السعي لإقامة الدولة العبرية على أشده وهذه الوثائق تؤكد بما لا يدع مجالا للشك في أن الدولة العثمانية والسلطان عبد الحميد الثاني لم يقدما أي شبر من فلسطين أو فرطا في القدس رغم الضغوط التي مورست على الدولة".
وكان خاتمة قوله: " غير أنه مع الأسف رغم كل هذه الثروة الوثائقية لا تجد الاهتمام اللازم من الباحثين في العالم الإسلامي، والأجانب وخاصة الباحثين اليهود هم الأكثر إقبالا عليها منا.! "
ماذا تحوي السجلات والوثائق العثمانية؟
¥