بيد أن هذا الافتتان والابتلاء يُبتلى به المؤمن على قدر ماعنده من الإيمان، فيُفتتن العبد على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتدّ بلاؤُه، وإن كان في دينه رقة ابتُليَ على حسب دينه، فما يبرح البلاءُ بالعبد حتى يتركَهُ يمشي على الأرض، وما عليه من خطيئة ().
وليست كل فتنة نذير شر وهلاك، بل قد يكون افتتان المؤمن وابتلاؤه دليل خير لانذير شر، كما يدل على ذلك حديث أنس أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
((إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط)) ().
والله سبحانه يبتلي ويمتحن الخلق بعضهم ببعض، فيمتحن الرسل بالمرسل اليهم، ودعوتهم إلى الحق والصبر على أذاهم. وتحمل المشاق في تبليغهم رسالات ربهم، وامتحن المرسلَ إليهم بالرسل، وهل يطيعونهم وينصرونهم ويصدقونهم أم يكفرون بهم، ويردون عليهم ويقاتلونهم؟ وامتحن العلماء بالجهال، هل يعلمونهم وينصحونهم، ويصبرون على تعليمهم ونصحهم، وإرشادهم ولوازم ذلك؟ وامتحن الجهال بالعلماء، هل يطيعونهم ويهتدون بهم؟ وامتحن الأغيناء بالفقراء، والفقراء بالأغنياء، وامتحن الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، والمؤمنين بالكفار، والكفار بالمؤمنين، وامتحن الإنسان بنفسه، لأن العبد في هذه الدار مفتون بشهواته ونفسه الأمارة، وذلك باتباعه واندراجه تحت أحضان شهواته، فيكون رهيناً لها، فيفتن نفسه بنفسه، ويهلكها بالفتنة بشتى أنواعها ().
فلهذه الأهمية البالغة للموضوع ولأسباب اختياره ـ الآتية بعده ـ وللرغبة الملحة في خدمته واعطائه حقه: عقدت العزم، واستعنت بالله، وقررت بعد استخارته ـ سبحانه ـ والاستشارة أن يكون موضوع رسالتي وعنوانها: (موقف المسلم من الفتن في ضوء الكتاب والسنن) وذلك مع عرض نماذج من أسس تلك الفتن وأصولها وكبارها وأشهرها، ليتحدد من خلالها موقف المسلم منها، إذْ لايمكن تحديد الموقف من الشيء الاّ بعد معرفته وتصوره جيداً. والقاعدة تقول: (الحكم على الشيء فرع عن تصوره).
هذا والله أسأل أن يلهمني رشدي، ويعيذني من شر نفسي، ويوفقني للهدى والصواب، إنه هو العزيز الوهاب، وأن يجعلني والمسلمين من الصابرين الصامدين صمود الجبال الراسيات، أمام الفتن الكاسحات، وأن يجعلنا ممن تزيدهم إيماناً على إيمانهم، وعلى ربهم يتوكلون.
ــــــــــــــ
عدة حلقات وسأكتفي بعرض الرابط فقط:
http://vb.arabsgate.com/showthread.php?t=421252
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 08:59 ص]ـ
رقم (5)
هذل الرابط http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=110905 يحتوي على معدة محاضرات هامة .. وهو أخر مشاركة هنا للعنوان مفاتيح الخير من 1ـ 5.
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 09:03 ص]ـ
القدس بين الوعد الحق ... والوعد المفترى *
تحدث الشيخ حفظه الله عن الموقف الإسلامي من مشروع السلام العربي اليهودي في مدريد، وبين مستند الحق لاستخلاف الله لعباده المؤمنين في الأرض بنزول المسيح بن مريم، ثم بين مستند الوعد المفترى عند اليهود وسبب سعي النصارى لتحقيق هذا الوعد المفترى، موضحاً العلاقة بين اليهود والنصارى البروتستانت والتي أنكبت على السعي في تحقيق نبوءاتهم المشتركة، ثم ختم حديثه ببيان رفض المسلمين والنصارى لمشروع السلام؛ لأن كلا الفريقين يؤمن بوعد الله على وفق عقيدته، وفي نهاية المطاف ذكر نتائج مشروع السلام، وذكر بعض المقترحات لمواجهة الكيان الصهيوني بشقيه اليهودي والنصراني.
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ
¥