تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وخرج زعماء أوروبا في ذلك الوقت، كجون ميجور البريطاني، وفرانسوا ميتران الفرنسي، ليعلنوا صراحة: لن نسمح بقيام دولة إسلامية في أوروبا النصرانية، وموقف ساركوزي الفرنسي من انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي امتداد لذلك الموقف الصريح من الإسلام وأهله، وما المؤتمر المنعقد في فرنسا الآن إلا محاولة لتطويق دول جنوب المتوسط الإسلامية، وإرغامها على التطبيع مع الدولة العبرية، وتقديم صفقة بديلة، وهذا هو الشاهد، لتركيا لتكف عن مطالبتها بالانضمام للاتحاد الأوروبي، فدون ذلك: خرط القتاد!!!، لاسيما مع تولي فرنسا رئاسة الاتحاد الأوروبي في دورته الحالية، ولا مانع من مشاركة تركيا في كأس الأمم الأوربية، كما حصل في البطولة الماضية!!، أما انضمامها لمؤسسات الاتحاد السياسية والاقتصادية وتمتعها بمزايا ذلك فلا وألف لا، ضمانا للتوازن السكاني في أوروبا: العجوز النصرانية الشمطاء.

ومع ذلك تمكن الموحدون من قلب الموازين في حرب البلقان، وحققوا في أواخر الحرب، أواخر صيف: 1995م انتصارات نوعية وصلت إلى درجة حصار الجيش الصربي العتيد، الذي أسسه تيتو من منطلق قومي ليكون جيش الأمة اليوغسلافية بأكملها فاستأثرت صربيا بمفردها بمعظم سلاحه، وصلت إلى درجة حصاره في بعض المدن ودكه بالمدفعية الثقيلة التي غنمها المسلمون من أعدائهم، وهو ما جعل أوروبا تنتفض، وتسارع إلى لملمة القضية في مؤتمر "دايتون" الذي شبهه الرئيس الراحل: "علي عزت بيجوفيتش"، رحمه الله، بالهدنة التي يلتقط فيها أطراف الصراع أنفاسهم، وواقع الجمهورية الحالية يؤيد ذلك، فهي جمهورية ثلاثية: إسلامية صربية كاثوليكية،: (سمك، لبن، تمر هندي) كما يقال عندنا في مصر، لا يجمعها أي ثابت، بل كل يحتفظ بكيانه المستقل ضمن جمهورية صورية من باب ذر الرماد في العيون.

ومن طريف الأخبار التي واكبت هذه الذكرى:

تبرئة محكمة العدل الدولية، منذ أيام، لأحد القادة المسلمين من تهمة الإبادة الجماعية في "سربينتشا"!!!!، فالضحية قد وضعت في قفص الاتهام، ولعله كان يقود مجموعة من المقاومين للدفاع عن الوجود الإسلامي في ذلك الجيب لا أكثر، وهذا كفيل باتهامه بالأصولية والإرهاب والإبادة الجماعية للصرب العزل ......... إلخ، ولكن المحكمة أرتنا من نفسها عدالة وحيادية تحسد عليها، فأين هي من خيانة الكتيبة الهولندية، وأين هي من "رادوفان كاراديتش": الطبيب الصربي، أو الجزار الصربي على الأصح، رئيس صرب البوسنة، وجنراله: "راتكو ميلاديتش"، وهما لا زالا حرين طليقين بعد نحو 13 عاما من انتهاء الحرب.

وما محاكمة الهالك "ميلوسيفيتش" إلا فصل من فصول المسرحية الهزلية التي يراد بها تسكين مشاعر الموحدين، فقد انتهى دوره بانتهاء الحرب، وصار ورقة محروقة لا مانع من التضحية بها، وهو الذي كان يتبجح بالأمس قائلا: إنه قد حصل على تفويض من أوروبا النصرانية لإزالة الوجود الإسلامي الأخير من أوروبا، ولم تشفع له خدماته الجليلة، فألقي، كغيره من العملاء الذين تنتهي أدوراهم، في أول سلة قمامة!!!، والغرب لا عزيز لديه، فلا يحمل جميلا، ولا يحفظ معروفا، فسياسته "براجماتية": نفعية محضة كما يقول أرباب السياسة، فبمجرد انتهاء المصلحة الآنية ينتهي الود، وينقلب عداء، إن كانت المصلحة المستقبلة في ذلك.

ويوم أن استقرت بقية من المقاتلين العرب في إحدى قرى البوسنة، فكونوا نواة لمجتمع إسلامي ملتزم مكون من نحو: 700 أسرة مسلمة ثارت ثائرة أمريكا، وطالبت "مادلين أولبرايت"، باستئصال هذه البؤرة "الظلامية" من جسد أوروبا المستنيرة!!!، رغم حصول أولئك المقاتلين على الجنسية البوسنوية، وتحت ضغط الحكومة الأمريكية بعد أحداث 2001، عمدت السلطات البوسنوية إلى ترحيل أولئك المقاتلين، أو تسليمهم إلى أمريكا كـ: "عربون" مشاركة في الحرب الأمريكية الكونية على الإرهاب!!!!، و: "عش جبانا تمت مستورا" كما يقال عندنا في مصر!!!!، وقد كان لفضائية الجزيرة، وهو من حسناتها النادرة، دور جيد في تغطية مأساة عائلات أولئك المقاتلين التي تعرضت للتشتت برحيل رب الأسرة، وإلى الله المشتكى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير