تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

التعليق: إن موضوع الحوار بين الأديان ليس بالأمر الجديد، فقد ابتدأت الدعوة إليه بعد سقوط الخلافة في 28 رجب 1342 هـ الموافق 03 آذار/مارس 1924م بفترة قصيرة، حيث أول ما دعت إليه فرنسا عام 1932م بإرسال ممثليها لمقابلة علماء جامعة الأزهر والتباحث معهم حول توحيد الديانات الثلاث (الإسلام، النصرانية، اليهودية)، وعقب ذلك توالت المؤتمرات والندوات إلى يومنا هذا. ومن الممكن ربط بزوغ هذه الدعوات بسقوط دولة الخلافة التي تركت المسلمين بلا دولة ولا قيادة ولا جُنَّة من جانب، وبظهور الخطر الشيوعي الذي بدأ يهدد –آنذاك- العالم الغربي الرأسمالي من الجانب الآخر. إن حرمان المسلمين من قيادة سياسية ترعى شئونهم جعلهم معرضين لتداعي الاعتداءات الخارجية عليهم من كل صوب، والتي كان منها محاولات مساواة الإسلام بأديان الكفر الأخرى، وإدخال المسلمين في حوار، ومهاجمة أحكام الإسلام علانية التي يرون فيها خطراً عليهم، وبعبارة أخرى فإن حرمان المسلمين من دولة الخلافة جرأ العالم الغربي الرأسمالي لمهاجمة الإسلام بأبعاده الفكرية والسياسية والثقافية. وكان ظهور المبدأ الشيوعي كقوة سياسية دولية بانقلابه عام 1917م في روسيا قد قوبل من قبل العالم الغربي الرأسمالي كتهديد يجب تحييده بالسرعة الممكنة، فابتدأت حملات منظمة من أجل ذلك، كانت دعوة الحوار بين الأديان واحدة منها. وعليه فقد وجد فكر الحوار بين الأديان كجزء من مخططات الغرب الكافر لتمزيق الإسلام نتيجة لغياب دولة الخلافة التي تذود عنه وكجزء من مشروعه للحد من خطر الشيوعية وتهديدها للعالم الغربي الرأسمالي. في البداية كان الهدف من حوار الأديان توحيد كافة العقائد التي تؤمن بالخَلْق والتي تؤمن بإبراهيم -عليه السلام- في جبهة واحدة لمواجهة الأسس التي تقوم عليها الشيوعية المتمثلة في التطور والإلحاد والنظرية الديالكتيكية. إلا أنه في التسعينيات من القرن المنصرم بعد أن تصدع الاتحاد السوفيتي وتهاوى المبدأ الشيوعي وبات بلا دولة فلم يعد يشكل تهديداً على العالم الغربي، وفي المقابل بدأ المبدأ الإسلامي يقوى في نفوس المسلمين وميل المسلمين نحو الخلافة انتشر بصورة واسعة تغيير الهدف الذي قام من أجله حوار الأديان وبات الغرب الكافر -الذي يدرك معنى توحد أمة الإسلام في ظل خلافة واحدة- يرى في الإسلام والمسلمين الخطر الجديد الذي يهدد مصالحه ومبدأه، فأعلن حملة شرسة بلا هوادة ضدهم، ووظف حوار الأديان ضمن حملته المسعورة لمحاربة الإسلام، وأطلق ألفاظاً جديدة لمحاربتها من مثل التطرف الإسلامي والخطر الإرهابي والتعصب الديني وغيرها من الاصطلاحات.

ولهذا فإن دعوة ملك العربية السعودية لعقد مثل هذا المؤتمر وإطلاقه مثل تلك العبارات ما هو إلا جزء من برامج الغرب الكافر الرأسمالي في محاربة الإسلام والمسلمين الهادفة لمنع وصول المبدأ الإسلامي إلى الساحة الدولية من خلال وصوله للحكم بإقامة دولة الخلافة. أضف إلى ذلك فإن هذا المؤتمر ليس الأول ولا الأخير الذي ينظم من أجل ذلك، فقد عقدت مؤتمرات مشابهة في الآونة الأخيرة نذكر منها؛ المؤتمر الذي عقد بداية الشهر المنصرم في واحدة من أقدس بلاد المسلمين (مكة)، وفي الشهر قبل المنصرم عقد آخر في قطر، وفي 15/ 07/2008 أي قبل يوم واحد من انعقاد هذا المؤتمر في مدريد نظم مخيم لحوار الأديان في مدينة ستافروبول في قوقازيا الشمالية المحتلة من قبل روسيا ضمن مشروع “تدجين الإسلام” الهادف للحيلولة دون استخدام الإسلام أساساً للمقاومة، لكسب تأييد روسيا العازمة على كسر شوكة المجاهدين في الشيشان. وكذلك فما مشروع اتفاق الحضارات المسيَّر برعاية رؤساء وزراء تركيا وأسبانيا وبوصاية من الأمم المتحدة وما المؤتمر الموسع من أجل “الإسلام في عصر التحديات العالمية” برعاية المنتدى الرومي ( Rumi Forum) المزمع عقده في واشنطن بتاريخ 14 - 15 تشرين ثاني/نوفمبر 2008 وما كافة المؤتمرات والندوات المشابهة التي يعمل على إظهارها بمظهر المودة والمحبة والتي في حقيقتها تهدف إلى تقطيع الإسلام وضربه، إلا أدوات في هذا المخطط الغربي الكافر الشرير. وفي هذا النطاق فقد أشار جيمس غلاسمان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشئون الدبلوماسية العامة لهذه الحقيقة خلال كلمة له في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بتاريخ 08/ 07/2008 حيث قال: “هناك حرب أفكار جارية في الشرق الأوسط وعلى الولايات المتحدة المشاركة فيها ... ما لم نفهم حرب الأفكار بشكل صحيح لن نتمكن من النجاح في أكثر تهديد أهمية في زماننا .. ما لم نفهم حرب الأفكار بشكل صحيح سيبقى أمن الأميركيين ومستقبل طريقة العيش الأمريكية بخطر مستمر ... علينا أن ندرك أن هناك معركة معقدة ومتعددة الجوانب على السلطة جارية في المجتمعات الإسلامية .. إنها معركة لا يمكننا أن نكون بموقع المتفرج عليها”.

وفي الختام ما الذي ينتظره هؤلاء المهرولون نحو مؤتمر مدريد من بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر الذي لم يعتذر عن إطالته لسانه على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالرغم من ردود فعل المسلمين الصاخبة عليه .. أم أنهم ((لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)) أم أنهم ممن ((انصَرَفُواْ صَرَفَ اللّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون)).

في 17/ 07/2008

منقول: شبكة الناقد الاعلامي

من رسائل طالب عوض الله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير