ويحكى عن الإمام الغزالي حجة الإسلام المتوفي في 505هـ قوله: قُطعت علينا الطريق وأخذ العيارون ما معي ومضوا، فتبعتهم فالتفت إلي مقدمهم وقال: إرجع ويحك وإلا هلكت، فقلت له: أسألك بالذي ترجوا السلامة منه أن ترد عليَّ تعليقتي فقط، فما هي بشيء تنتفعون به،فقال لي: وما هي تعليقتك؟، فقلت: كتب في تلك المخلاة هاجرت لسماعها وكتابتها ومعرفة علمها، فضحك وقال: كيف تدعي أنك عرفت علمها؟ وقد أخذناها منك فتجردت منها وبقيت بلا علم! ثم أمر بعض أصحابه فسلم لي المخلاة. (4)
وقد أفادت هذه الحادثة الغزالي وأعطته درسا عظيما وجعلته يحفظ كل ما يعلقه بحيث لو قطع عليه الطريق ثانية لا يتجرد من علمه.
وفي خبر طريف عن ابن الدهان النحوي البغدادي المتوفي سنة 569هـ وقد كان سيبويه عصره فترك بغداد وأقام في الموصل وكانت كتبه قد تخلفت ببغداد فاستولى الغرق تلك السنة على البلد ‘ فسير من يحضرها إليه إن كانت سالمة، فوجدها قد غرقت!، وكان خلف داره مدبغة فغرقت أيضا، وفاض منها الماء إلى داره فتلفت الكتب بهاذا السبب زيادة على إتلاف الغرق، وكان قد أفنى في تحصيلها عمره، فلما حملت إليه تلك الصورة أشاروا عليه أن يطيبها بالبخور، ويصلح منها ما يمكن،فبخرها باللاّ ذَن (5)، ولازم ذلك إلى أن بخرها بأكثر من ثلاثين رطلا لاذنا، فطلع ذلك إلى رأسه وعينه، فأحدث له العمى وكف بصره!
ونلاحظ تضحية العلماء في سبيل اقتناء الكتب وشرائها وبذل الغالي والرخيص في سبيلها فإن سند بن علي سرق دابة أبيه ـ في حادثة طريفة ـ وباعها بسرجها ولجامها واشترى بثمنها كتاب الالمجسطي رغم صغر سنه. (6)
الكتب عند النساء هي الضرائر المضادة، فأول ما تمسهن الضائقة يتجه تفكيرهن إلى بيعها وإخراجها من البيت، والكتب عند العلماء هي الإخوان والأعوان، فإذا مستهم الضائقة صبروا على الجوع والعري والفقر ولم يصبروا على فراق الكتب وإخراجها! (7)
قال هشام بن عروة بن الزبير: أحرق أبي يوم الحرة كتب فقه كانت له، فكان يقول بعد ذلك:
لأن تكون عندي أحب إليّ أن يكون لي مثل أهلي ومالي. (8)
.....................................
1) المنتظم 7/ 172، وقد أحرقت هذه الدار عام 450هـ ابن الأثير
(2) المنتظم 6/ 359
(3) تاريخ بغداد 3/ 317
(4) طبقات الشافعية للسبكي 3/ 103
(5) وفيات الأعيان 2/ 382
(6) المكافأة للبغدادي الكاتب 119
(7) ابن شهاب الزهري وفيات 4/ 178، وانظر أخبار الواقدي في كتاب الفهرست ص111
(8) ابن سعد 5/ 133
يتبع ـ بمشيئة الله ـ
ـ[أبو المواهب الطنجي]ــــــــ[14 - 04 - 2009, 03:14 ص]ـ
وللأستاذ عبدالرحمن بن يوسف الفرحان كتاب بعنوان: (عُشاق الكتب)
وهو كتاب ماتع جمعَ فيهِ أخبار عشاق الكتب، وحزنهم على فقدها، وأخبارهم في بيع كتبهم للضرورة، وفي تعظيهم وإجلالهم للكتب، وغير ذلك
والكتاب مطبوع بدار البشائر سنة 1423 هـ ويقع في 304
ومع هذا الجمع المبارك إلاَّ أنَّه فاته أخبار وحوادث
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[14 - 04 - 2009, 05:39 ص]ـ
وللأستاذ عبدالرحمن بن يوسف الفرحان كتاب بعنوان: (عُشاق الكتب)
وهو كتاب ماتع جمعَ فيهِ أخبار عشاق الكتب، وحزنهم على فقدها، وأخبارهم في بيع كتبهم للضرورة، وفي تعظيهم وإجلالهم للكتب، وغير ذلك
والكتاب مطبوع بدار البشائر سنة 1423 هـ ويقع في 304
ومع هذا الجمع المبارك إلاَّ أنَّه فاته أخبار وحوادث
أخي الفاضل الكريم أبا المواهب
شكرا لك على هذه المعلومة
وجزاك الله خيرا
ـ[أبو المواهب الطنجي]ــــــــ[14 - 04 - 2009, 05:50 ص]ـ
أيضاً وللأستاذ محمد بن عبدالله آل رشيد مقال نشر بجريدة الجزيرة يوم الأحد 26 / جمادى الأولى / 1426هـ بعنوان: (عُشاق الكتب) وهذا نصه:
اطلعت على المقالة المنشورة في جريدة الجزيرة صفحة الوراق بتاريخ 21 - 4 - 1426هـ بقلم الاستاذ البحّاثة عبد الرحمن بن محمد العقيل تناول في ثناياها ذكراً لبعض المغرمين بالكتب والمولعين بحيازتها، فأتى بأمثلة من أخبار عشاق جمع الكتب من المتقدمين فرأيت أن أورد في هذه المداخلة نماذج من أخبار قصص المتأخرين في وقت ضعفت فيه الهمم وكلت عن اللحاق بمن سبق.
¥