تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعاني في الأبيات ضعيفة، لا تغري أصحاب العقول، ولو عوّل الشاعر عليها كثيرا في شعره لما ظفر بأي إعجاب، ولكنه عوّل على اللغة الطيعة السلسة، والأسلوب البسيط العذب، وقد أعانه كثيراً حسن اختيار القافية ..

الرابعة:

(غريب الدار) عدد 432

يقول الجاحظ: " لولا أن العباس بن الأحنف أحذق الناس وأشعرهم وأوسعهم كلاما وخاطرا، ماقدر أن يكون شعره في مذهب واحد لا يجاوزه لأنه ى يهجو ولا يمدح، ولا يتكسب ولا يتصرف، وما نعلم شاعرا لزم فنّا واحد لزومه فأحسن فيه وأكثر ". وكان إبراهيم الموصلي – إمام المغنين في زمانه – شغوفا بشعره لرقته وتناهيه في اللطف، فتغنّى بكثير منه. وعندما سمع إبراهيم بن العباس، من يتغنى بقول العباس:

إن سيل لم يبذل، وإن قال لم=يفعل، وإن عوتب لم يعتب قال: هذا والله الكلام الحسن المعنى، السهل المورد، القريب المتناول، البعيد الشبيه، السهل اللفظ، العذب المستمع.

ومن أجمل ما يروونه عنه أنه خرج مع الرشيد ذات مرة إلى خراسان، وكان الرشيد قد وعده أنه لن يغيب عن أهله في بغداد، واحتال هو بأبيات تصل إلى سمع الرشيد لعله يأذن له بالعودة:

قالوا: " خراسان " أقصى ما يراد بنا=ثم القفول، فقد جئنا خراسانا

متى يكون الذي أرجو وآمَلُه=أما الذي كنت أخشاه فقد كانا

ما أقدر الله أن يدني على شَحَط=سكانَ دجلة من سكان جيْحَانا

وتصل أبيات العباس إلى سمع الرشيد، فيتأثر بها غاية التأثر، ويأذن لشاعره بالعودة إلى بغداد.

رواية أخرى طريفة حكاها المسعودي في كتابه " مروج الذهب " عن جماعة من أهل البصرة، قال:

خرجنا نريد الحج، فلما كنا ببعض الطريق، إذا غلام واقف على المجة وهو ينادي: أيها الناس، هل فيكم أحد من أهل البصرة؟ قال: فعدلنا إليه، وقلنا ما تريد؟

قال، إن مولاي لما به يريد أن يوصيكم، فملنا معه / فإذا شخص ملقى على بعد تحت شجرة لا يحير جوابا، فجلسنا حوله فأحس بنا، فرفع رأسه وهو لا يكاد يرفه ضعفا، وأنشأ يقول:

يا غريب الدار عن وطنه=مفردا يبكي على شجنه

كلما جد البكاء به=دبّت الأسقام في بدنهثم أغمى عليه طويلا، فبينما نحن جلوس حوله إ أقبل طائر فوقع على الشجرة وجعل يغرد، ففتح عينيه، وجعل يسمع تغريد الطائر ثم أنشأ يقول:

ولقد زاد الفؤاد شجا=طائرٌ يبكي على فنَنَه

شفه ما شفني، فبكى=كلنا يبكي على سكنه! قال: ثم تنفس نفسا فاضت نفسه منه، فلم نبرح من عنده حتى غسلناه وكفناه وتولينا الصلاة عليه، فلما فرغنا من دفنه سألتا الغلام عنه، قال: هذا العباس بن الأحنف!

ـ[السراج]ــــــــ[24 - 04 - 2009, 10:31 ص]ـ

الخامسة:

(من كنوز الشعر العربي) عدد 475

يزدان ديوان الشعر العربي بتلك التجليات البديعة التي عبر بها المتصوفة وشعراء الحب الإلهي عن مكنون عواطفهم التي تساموا بها عن النزعات الدنيا في الإنسان، وبلغوا من خلال مقامات عليا من التجرد والصفاء والاقتراب من تخوم ذلك الأفق الأسمى الذي تغنوا به وهاموا عشقا ووجدا وفناء.

من بين هؤلاء المبدعين الكبار شهاب الدين عمر السهروردي الذي ولد في سهرورد فنسب إليها وقرأ كتب الدين والحكمة وأقام في مراغة وبغداد وحلب، حيث كان مقتله بأمر السلطان صلاح الدين بعد أن نسب إليه البعض – حسدا ومنافسة – فساد المعتقد ولتوهم صلاح الدين أن السهروردي يفتن ابنه بالمروق والخروج عن الدين، وكان مقتله بقلعة حلب سنة ستمائة وخمس وستين هجرية مع أنه كان من كبار متصوفة زمانه ومن أفقه علماء عصره بأمور الدين والفلسفة والمنطق والحكمة، ويسمى مذهبه الذي عرف به " حكمة الإشراق ".

يروون أنه قال – وهو يجود بأنفاسه الأخيرة:

قل لأصحاب رأوني ميتا=فبكوني إذا رأوني حزنا

لا تظنوني بأني ميت=ليس ذاك الميت والله أنا

أنا عصفور، وهذا قفصي=طرت عنه، فتحلى رهنا

فاخلعوا الأنفس عن أجسادها=فترون الحق حقاً بينا

لا ترعكم سكرة الموت، فما=هي إلا بانتقال من هنا

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[24 - 04 - 2009, 01:36 م]ـ

بارك الله فيك أخي الكريم السراج على هذه اللطائف البديعة.

ـ[السراج]ــــــــ[24 - 04 - 2009, 04:13 م]ـ

شكرا لمرورك أخي عامر

السادسة:

(قصيدة شيخ اللغة) عدد 473

من استطلاع مصور عن سلطنة عمان كتبه جمال مشاعل

.... وأبدى الأخ خلف إعجابه بمحاضرة حول " أثر التكافل الاجتماعي في تعزيز دور الأسرة " وبشخصية المحاضر الدكتور " إبراهيم الكندي " الأستاذ بجامعة السلطان قابوس، وأخذ يحدثني عن المحاضر ذلك الشيخ الجليل الهيئة الكفيف ذي اللحية البيضاء الكثيفة والمهذبة التي لا يزال يخالط بياضها بعض السواد والعمامة البيضاء على رأسه وبيده خيزرانته، ويتوقف محدثي قليلاً ثم يقول كم كان وجهه صبوحاً، وبين الفينة والأخرى يمسح وجهه ولحيته وكأنه يزيدها تهذيبا، وقد تحدث عن التكافل الاجتماعي مبيناً أن الأمة التي ليس فيها دعائم التكافل الاجتماعي هي أمة ضائعة حتماً ولو تقدمت في مجالات أخرى كالتكنولوجيا وغيرها، ثم أمتعنا بالحديث عن التكافل بين الشخص وذاته، وكيف يجب أن يفرق بين الحرية والمسؤولين، وذلك بعدما تحدث عن التشريع الإلهي وما جاء فيه عن التكافل الاجتماعي.

فابتسمت وقلت له أنا أعجبت بمحاضرته، وكذلك بقصيدته الساخرة فكم أضحكتنا وأحمد الله أنني قد سجلته، وهي دليل كبير على ظرفه ودماثته ورقة عبارته، فحين شكا من الزكام كانت شكواه غاية في اللطافة وقد ساقها على هيئة قصيدة يقول فيها:

أرخى الزكام بمنخريّ سدوله=فحملتُ دِجلةَ والفرات براسي

فذهبتُ أنشد ماهرا متخصصاً=أبغي العلاج، أقول هل من آسي

فوجدته في زيّ أحذق ماهر=مستحضراً سماعةً ليواسي

كتب الدواء منوّعا فزجاجة=ملأى وأقراص على قرطاسِ

ولما احتسيتُ من الدواء تمثّلتْ=لبنان في بطني بكلِّ قياسي

فهناك أصواتُ انفجارٍ هائلٍ=وقذائفٌ وتجاوب الأجراسِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير