تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- " أنا أفهمُ بعضاً منَ العبريّةِ لكننّي لا أستطيعُ التحدثَ بها! "

يقولُ بالعربيّةِ وقدْ هدأتْ نبرتُهُ:

- " حسناً , لقدْ سألتُكَ: في أيَّةِ جماعةٍ تعملُ؟ "

- " لا أنتمي إلى أيّةِ جماعةٍ , لقدْ كنتُ اليومَ عائداً منَ المدرسةِ فصادفتُ الاشتباكاتِ تحدثُ في الشارعِ .. "

يقاطعني قائلاً:

- " وسرعانَ ما أمسكتَ بالحجارةِ وقذفتَ بها دوريَّتنا! أليسَ كذلكَ؟ "

- " نعم , هذا ما حدثَ تماماً."

- " جميعُكم كاذبون .. كلُّكم تقصّونَ الحكايةَ ذاتها .. لكننّي لا أصدّقُكَ!! "

- " هذهِ مُشكلتُكَ إذاً! "

أتلقَّى صفعةً جديدةً على الخدّ ذاته وأعتقدُ أنَّها من اليدِ ذاتها .. يبدو أنَّ جنديّاً كان واقفاً بالقربِ منّي مهمَّتُهُ الصفعُ والضربُ , وآخرَ كان بعيداً يسألُ:

- " اسمعْني جيّداً أيها الأرنبُ! إنْ كنتَ تريدُنا أن نفرجَ عنكَ فوراً لتعودَ إلى أُمّكَ , فعليكَ أن تصرّحَ لنا بكلِّ شيءٍ ومنْ دونِ خداعٍ .. واعلمْ أننا نعرفُ أدقَّ التفاصيلِ لكنّنا نريدُ أن نسمعَها مِنْ قِبَلِكَ لكي تثبتَ لنا حُسنَ نواياكَ! وبالمقابلِ فلنْ يكونَ الإفراجُ عنكَ فحسب بل إنّنا سنعطيكَ بعضَ المالِ لتتمكَّنَ منْ شراءِ ملابسَ جديدةٍ .. وحلوى .. وفاكهةٍ فما هوَ ردُّكَ؟ "

- " لمْ أكذبْ في شيءٍ حتّى الآنَ! سألتَني وأجبتُكَ بكلِّ صراحةٍ ولستُ في حاجةٍ لأثبتَ لكَ حُسنَ نوايايَ أو العكس لأنَّكَ تعلمُ تماماً أنَّكُمْ أعداءٌ لنا ولو كنتمْ غيرَ ذلكَ لما عاملتمونا على هذا النحوِ! "

- " لا , لا , لمْ أصدّقْ روايتَكَ! عليكَ أن تخبرَني أينَ اجتمعتم البارحةَ وكيفَ خطّطتم لمهاجمةِ دوريّتِنا ومنِ الذي دعاكم للاجتماعِ ومن خطّطَ لكلِّ هذا .. هيَّا , أخبرْني! "

- " لمْ أجتمعْ مع أحدٍ ولم أُخطّطْ لأيّ شيءٍ! هكذا بكلِّ بساطةٍ قمتُ بقذفِ دوريَّتِكم بالحجارةِ لأننّي شاهدتُكم تهاجمونَ أصدقائي وأبناءَ حارتي وتطلقونَ الرصاصَ المطّاطيَّ والحيَّ على الجموعِ بشكلٍ عشوائيٍّ و .. "

- " هلْ تريدُ أنْ تقنعَني أنَّ دماغَ الهرِّ الذي في رأسِكَ توصَّلَ لكلِّ هذا منْ دونِ مساعدةٍ منْ أحدٍ؟ لابدَّ أنَّ أحداً قدْ حرَّضَكَ على فعلِ ذلكَ! أو على الأقلِّ قدْ علَّمكَ كيفَ تفعلُهُ! هيّا .. أريدُ اسماً .. اسماً واحداً فقطْ وأُخلي سبيلَكَ! "

- " أنتمْ محتلّونَ! اغتصبتمْ أرضَنا وشرَّدتمْ أهلَنا وقتلْتمْ أبي وسجنتمْ أخي وتفعلونَ المزيدَ كلَّ يومٍ .. وتريدُني أنْ أنتظرَ تحريضاً منْ أحدٍ ما؟ "

- " منْ هوَ أخوكَ؟ "

- " إنَّهُ البطلُ كرم محمّد الأحمد! "

يضحكُ ساخراً ويقولُ:

- " البطلُ؟ "

وأكتشفُ أنَّ هناكَ أكثرَ منْ جلاّدٍ يحيطونَ بي عندما علا صوتُ ضحكاتِهم حتّى كادوا يهترؤونَ ضحكاً, ويسعلُ أحدُهمْ بشدّةٍ بالقربِ من أُذني .. لكنّني قطعتُ عليهم متعتَهم في مواصلةِ الضحكِ فقلتُ بلهجةِ الواثقِ:

- " نعم .. إنّهُ بطلٌ , وهو معتقلٌ منذُ أكثرَ منْ عامٍ بتهمةِ مقاومةِ الاحتلالِ!! "

- " تقصدُ مقاومةَ جيشِ الدفاعِ؟! "

- لا .. بلْ مقاومةَ الاحتلالِ. "

أتلقّى صفعةً جديدةً على الخدِّ الأيمنِ وأُخرى على الأيسرِ, ويتابعُ المحقّقُ بصوتٍ تخيّلتُ أنّهُ نباحُ كلبٍ:

- " تذكّرتُ ذلكَ الأرنبَ! لقدْ رشقَ دوريَّتَنا بالحجارةِ .. أنتمْ مجانين! ترشقونَ سيّاراتِنا المصفّحةَ بالحجارةِ في حين يعجزُ الرصاصُ عنِ اختراِقها! على كلِّ حالٍ لقدْ حُكمَ عليهِ بالسجنِ لأربعِ سنواتٍ! "

- " وهلْ لديكمْ محاكمُ فعلاً أمْ أنَّّكمْ تطلقونَ أحكامَكمْ جِزافاً؟ "

يضحكونَ منْ جديدٍ .. ثمَّ يقولُ المحقّقُ:

- " يجبُ أنْ تعلمَ أنَّ مقاومةَ جيشِ الدفاعِ ستعرّضُكَ للسجنِ وربَّما للإعدامِ! وليسَ عليكَ الآنَ سوى إخباري باسمِ المخرّبِ الذي يقودكمْ .. "

قرَّرتُ عندَها , وتحتَ وطأةِ الألمِ و الإهانةِ أنْ أُلقّنَ ذلكَ المجرمَ درساً لا يُنسى فقلتُ بنبرةِ المتحدّي الجسورِ:

- " لماذا لا تنزعُ أصفاديَ وعصابةَ العينينِ؟ هلْ تخشى مِنْ نظراتي؟ هلْ تخشى أنْ أهربَ؟ ما أنا سوى طفلٍ صغيرٍ! هلْ يخشى الثعلبُ من أرنبٍ؟ "

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير