تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من لزم الحقد لم يزل كمدا = تخرقه في بحورها الكرب

وتارة أخرى يُمَجِّدُ الأخلاق الفاضلة، ويذم أضادها فيقول:

ما أكرم الصبر! وما أحسـ = ـن الصدق! وما أزينه للفتى!

الخرق شؤم، والتقى جنّة =والرفق يمن، والقنوع غنى

نافس إذا نافست في حكمة =آخ إذا أخيت أهل التقى.

كما يحض على الصدقة والنفقة، فيقول:

إذا المرء لم يعتق من المال نفسه =تملكه المال الذي هو مالكه

ألا إن مالي الذي أنا منفق =وليس لي المال الذي أنا تاركه

إذا كنت ذا مال فبادر به الذي =يحق وإلا استهلكته مهالكه

وهكذا ينطلق أبو العتاهية بإيمانه المطلق، وبكلماته الصادقة يندّد بمطامع الإنسان وحرصه على الدنيا:

ألا إلى الله تصير الأمور =وما أنتِ يا دنياي إلا غرور

نحن بنو الأرض وسكانها =منها خلقنا وإليها نصير

أبو العتاهية والاقتباس من القرآن:

إن كثيراً من الصور الشعرية لأبي العتاهية مقتبسة من القرآن الكريم ..

اسمع قوله تعالى: (ألا إلى الله تصير الأمور)، و (منها خلقناكم، وفيها نعيدكم)،

واقرأ قول أبي العتاهية المنقول فوق هذه الأسطر مباشرة، وانظر تشابه الصور، ثم اسمع قول أبي العتاهية:

ويرزق الإنسان من حيث لا =يرجو وأحيانا يضل الرجا

ألا يتبادر لذهنك قوله سبحانه تعالى: (ويرزقه من حيث لا يحتسب).

أو اسمع قول أبي العتاهية:

من لم يوال الله والرّسل التي = نصحت له فوليّه الطاغوت

وتذكر قوله تعالى: (الله وليّ الذين آمنوا يخرجهم من الظّلمات إلى النّور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت).

أو اسمع قول أبي العتاهية:

إن أنت لم تهدنا ضللنا = يا رب إن الهدى لهداكا

وانظر قوله تعالى: (قل إن هدى الله هو الهدى).

أو قول أبي العتاهية:

ليت شعري فإنني لست أدري =أي يوم يكون آخر عمري

وبأي بلاد تقبض روحي =وبأي البلاد يحفر قبري

وطالع قوله تعالى: (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت).

خلاصة:

إن ديوان أبي العتاهية ينضح عذوبة وصفاءا، ويمتلئ وضاءة وبهاءا،

على الرغم من أنه في غرض واحد من أغراض الشعر وهو الزهد والحكمة؛

مما يؤكد قوة شاعريته، وسمو شخصيته في عصر تعاظمت فيه تيارات الفوضى السلوكية،

وتوجهات المنكرات الأخلاقية، ألا رحمه الله، وأحسن إليه.

ـ[ياسمين الشام]ــــــــ[18 - 05 - 2009, 02:21 ص]ـ

اختيار موفق بارك الله فيك

ـ[بسمة الكويت]ــــــــ[27 - 05 - 2009, 11:03 م]ـ

أرى الدنيا لمن هي في يديه = عذاباُ كلما كثرت لديه

تُهين المكرمين لها بصُفر = و تكرمُ كل من هانت عليه

إذا استغنيت عن شيء فدعه = و خذ ما أنت محتاج إليه

انتقاء مميز جزاك الله خيرا

ـ[محمد مشرف اشرف]ــــــــ[15 - 05 - 2010, 09:52 م]ـ

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

نقلب القصيدة التالية في هذا المشاركة:

و قال أيضاً:

إلهي! لا تعذبني، فإني = مقرّ بالذي قد كان مني!

فما لي حيلة، إلا رجائي = لعفوك، إن عفوت وحسن ظني

وكم من زلة لي في الخطايا = وأنت علي ذو فضل ومن

إذا فكرت في ندمي عليها = عضضت أناملي وقرعت سني

أجنّ بزهرة الدنيا جنونا = وأقطع طول عمري بالتمني

ولو أني صدقت الزهد عنها = قلبت لأهلها ظهر المجن

يظن الناس بي خيراً وإني = لشر الخلق إن لم تعف عني


و بهذا الضبط وجدتها في مواقع كثيرة إلا أن ((البلاغة الواضحة)) أوردتها البيت الثالث منها بالضبط التالي:

وكم من زلة لي في الخطايا = عضضت أناملي وقرعت سني

فكأنها لم ترو عجز الثالث من ضبط هذا المشاركة و صدر الرابع. هل هذا خطأ مطبعي أم أنها مأثورة بكلى الضبطين؟

إني أوردت السؤال في هذه المشاركة هي دون أن إنشاء مشاركة جديدة كي يجتمع في موضع واحد كل ما يتعلق بشيء واحد.

وأرجو ألا يكون سؤالي هنا مسببا للخلل.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير