تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[نزار جابر]ــــــــ[24 - 05 - 2009, 07:03 ص]ـ

4

ويتمثل طيب العيش عند الجاهليّ في اتّمتّع بالنّساء والخمر والطّيب، وكان يعرض عن هذه اللذات حتى يدرك بثأره.

وعلى أن الجاهليّ كان يفاخر بشربه الخمر - باعتبارها من مظاهر الكرم، كما أنها تهب شاربها الشّجاعة والجرأة - إلا أنّ شربها حتّى الثّمالة، والإدمان عليها كان أمرًا مشينًا، يستقبحه العرب، وقد تطردالقبيلة من يدمن شرب الخمر ويعربد على السّكر كما وقع لبّراد بن قيس وطرفة بن العبد.

وقد كان في الجاهلية من ترك شربها لقيامه - عند السّكر - بأعمال لم يرتضها في حالة صحوه، ويذكر أنّ أوّل من حرّمها على نفسه الوليد بن المغيرة، وضرب فيها ابنه هشامًا.

وتشدّد الجاهليون على النّساء في شرب الخمر، أمّا الرّجل فكان يقسّم حياته بين غزوٍ، وسعي وراء الكلأ وعبادة للأوثان، وتشبيب بالنّساء، وقول للشعر، وشرب للخمر. وكانت المثل العليا تتمثل لديه في الفخر بالنّجدة، والكرم، ومجالسة علية القوم في حانات الخمر، والتّمتّع بالشّراب بين النّدامى والقيان.

وبما أنّ قول الشّعر كان من المهام التي أفرد لها الجاهليّ وقتًا، وكان شرب الخمر لديه من المثل التي يفخر بها، فإنّ الشّاعر الجاهليّ لم يغفل التّغنّي بخمره في أشعاره.

إلاّ أنّ تغنّي الشعراء الجاهليين بالخمر كان بروح أهل الفروسيّة المولعين بالحرب والخمر والنّساء، لهذا قال أحد الدارسين بأن الشّعر الخمريّ الجاهليّ شعر غنائيّ قصد به الفخر.

ـ[نزار جابر]ــــــــ[25 - 05 - 2009, 06:46 ص]ـ

5

كما اتخذ الجاهلي الخمر كمظهر للتّرف، وذلك لندرتها، فقد كانت تجلب من الشام والعراق وفارس، وكانت الخمور المستوردة من النّوع الجيّد باهضة الثمن، لا يقتنيها إلا الكريم الثّري، كما جاء في قول الأعشى:

وكيف لنا بالشّرب إن لم يكن لنا .................. دراهم عند الحانويّ ولا نقد.

فراحوا يفتخرون في أشعارهم باقتناء الخمر، وبما يبذلونه مقابل الحصول عليها. فالتّغنّي بالخمر - إذن - لدى الجاهليّ يدخل في نطاق الفخر بالكرم والضّيافة.

كما شرب الجاهليون الخمر للهوّ واللّذة، وقد أشار طرفة بن العبد إلى أنّ الفتى الجاهليّ يجد متعته في شرب الخمر، ونجدة المستغيث، والتّمتّع بالنّساء. ولهذا غالبًا ما يتعرضون لوصف المجالس التي تعقد للخمر في الحانات، فيقومون بوصفها بوصف القيان والحديث عن الغناء، فالخمر - إذن - كانت عندهم أيضًا مادّة لهو وعبث، ولهذا فهي لا تعبّر بصدق عن النّفسيّة الجاهليّة.

ولعلّه لهذا السّبب ذاته قال أحد الدّارسين بأنّ الأوصاف الخمريّة الجاهليّة أوصاف عامّة لا تعدّ والتّغنّي بلون الخمر وطعمها وريحها وآنيتها. وأحيانًا قد يتعدّى الشّاعر ذلك إلى وصف السّاقي والمغنية والمجلس، وتأثير الخمر في شاربيها، ومع ذلك فإنّه يشهد بأنّ أكثر الصّفات العامّة في وصف الخمر قد وردت في الشّعر الخمريّ الجاهليّ، هذه الصّفات التي سيرتكز عليها الشّعراء في العصور اللاحقة كما سنرى.

ـ[النابغة الحضرمي]ــــــــ[25 - 05 - 2009, 08:00 م]ـ

من خمريات الجاهلية

يقول عمرو بن كلثوم في مطلع معلقته:

ألا هُبَّي بِصَحْنِكِ فاصْبَحِينا=ولا تُبْقِي خُمورَ الأنْدَرِينا

مُشَعْشَعَةً كَأنَّ الحُصَّ فِيها=إذا ما الماءُ خَالَطَها سَخِينا

تَجُورُ بِذي الُّلبانَةِ عَنْ هَواهُ=إذا ما ذَاقَها حَتَّى يِلِينا

تَرَى الَّلحِزَ الشَّحيحَ إذا أُمِّرَتْ=عَلَيِهِ لِمالِهِ فِيها مُهِينا

صَبَنْتِ الكَأْسَ عَنَّا أُمَّ عَمْرٍو=وكانَ الكَأْسُ مَجْراها الَيمِينا

ومَا شَرُّ الثَّلاثَةِ أُمَّ عَمْرٍو= بِصاحِبِكِ الذي لا تَصْبَحِينا

وكَأْسٍ قَدْ شَرِبْتُ بِبَعَلْبَكٍ= وأُخْرَى في دِمَشْقَ وقاصِرِينا

ولم يغفل طرفة ابن العبد عن ذكرها في معلقته:

فان تبغني في حلقة القوم تلقَني=وإن تلتمِسْني في الحوانيت تصطدِ

متى تأتني أصبحكَ كأساً روية ً=وإنْ كنتَ عنها ذا غِنًى فاغنَ وازْدَدِ

نداماي بيضٌ كالنجوم وقينة ٌ=تَروحُ عَلَينا بَينَ بُردٍ ومَجْسَدِ

وما زال تشرابي الخمور ولذَّتي=وبَيعي وإنفاقي طَريفي ومُتلَدي

ولولا ثلاثٌ هُنّ مِنْ عِيشة ِ الفتى،=وجدِّكَ لم أحفل متى قامُ عوَّدي

فمِنهُنّ سَبْقي العاذِلاتِ بشَرْبَة ٍ=كُمَيْتٍ متى ما تُعْلَ بالماءِ تُزبِدِ

وعنترة بن شداد يقول في الخمر:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير