تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[نزار جابر]ــــــــ[31 - 05 - 2009, 06:48 م]ـ

7

ومن أكبر شعراء هذا العصر (الأعشى) الذي يحكى الكثير عن لهوه وانغماسه في الملذات، والمتمثلة في الخمر، والنّساء، والغناء. وقد كانت داره بمنفوحة اليمامة منتدى لطلاّب المتعة يقصدونها للشرب واللهو، كما كانت له معصرة في أثافت لعصر اأعناب، ولقد هام الأعشى بالخمر وكلف بها، ويروى أنّ عدم إسلامه إنّما كان بسببها، وقال فيها شعرا كثيرا حتّى قيل أنّه لو قوبل بكلّ الخمريات الجاهليّة لفاقها جميعًا.

ولقد عمد إلى التّفصيل في وصفها، حتّى كادت القصيدة الخمريّة تتكامل لديه، إلا أنّ أبياته جاءت مفكّكة فهو يسجّل المعنى الذي يعرض له، دونما تفكير في هندسة أو تصميم فالقصيدة تقوم لديه على وصف جزئيات كأنها مستقلّة، بحيث يتسنّى لنا أن نغيّر نظام الأبيات دون أن نخلّ بالمعنى.

وعلى أنّ الأعشى اشتهر بشرب الخمر، والقول فيها، إلا أنّه لم يفرد لها قصية مستقلّة، بل كان يتناولها ضمن أغراض شتّى في نفس القصيدة وتلك كانت طبيعة القيدة الجاهليّة. والحقيقة أنّ الأعشى قد توسّط بين معاصريه من الشّعراء الجاهليين الذين تعرضوا لوصف الخمر بلمح خاطفة، وبين العباسيين الذين سيفردون لها القصائد الطّوال.

ـ[نزار جابر]ــــــــ[31 - 05 - 2009, 06:49 م]ـ

8

ونحن لا نطالب الأعشى بأكثر ممّا جاء به، ونعترف له بأنّه وضع الخطوط العامّة الكبرى للشعر الخمريّ إذ ألمّ بكلّ ما يتّصل بها من شعاع وطيب ولون وقدم وصفاء، ووصف للندامى والساقي والمجلس والبائع، إنّ هذه المعاني قد كانت كلّها واضحة في شعره الخمري، وهذه المعاني ذاتها هي التي ارتكز عليها الشّعراء اللاحقون، فأضفوا عليها من عمل تجاربهم وثقافتهم، وهذه الإضافات ما هي في حقيقة الأمر إلا ظلال لتلك الخطوط الكبرى التي رسمها الأعشى، وبهذا استحق الشاعر لقب الإمام الذي شقّ الطريق لمن جاء بعده من شعراء الخمر.

وجاء الإسلام بتحريم الخمر لمضارها، وما تورثه لشاربها، فقد هلك قسم كبير من الجاهليين بسببها. وما ملك بعض المسلمين القدرة على ترك شربها، فقالوا عند تحريمها: ما حرّم الله شيئا أشدُّ من الخمر؛ وذلك لتعلقهم بها، لقد جاء في قول بنتام الإنجليزي: "لقد حرّمت ديانة محمد جميع المشروبات المسكرة وهذا من محاسنها".

وقيل إنّ الخمر قد حرّمت عندما شقّ أحد الأنصار أنف سعد بن أبي وقاص الذي كان قد دعاه بعض الأنصار إلى طعام وشراب، ففضّل المهاجرين على الأنصار. وقيل نزلت آية التّحريم عندما استفسر عمر بن الخطاب من رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - عن أمر الخمر، وأشار إلى عيوبها.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير