تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي حَديثِ فتَى غَسّانَ موعظةٌ=

لكلِّ ذي نَغرَةٍ يأبى تَناسيها

فما القَوِيُّ قَوِيّاً رغم عِزَّته=

عند الخُصومَةِ والفارُوقُ قاضيها

وما الضَّعيفُ ضعيفاً بعد حُجَّتِه=

وإنْ تَخاصَمَ واليها وراعيها

وما أقَلْتَ أبا سُفيانَ حين طَوى=

عَنكَ الهديةَ مُعَتّزاً بمُهديها

لم يُغنِ عنه وقد حاسَبْتَه حَسَبٌ=

ولا مُعاويةٌ بالشامِ يَجبيها

قَيَّدْتَ منه جَليلاً شاب مَفرِقُه=

في عِزِّةٍ ليس من عِزٍّ يُدانيها

قد نوَّهُوا باسمِه في جاهِلّيتِه=

وزادَه سَيِّدُ الكَونَينِ تنويها

في فَتحِ مَكّةَ كانت دارُه حَرَماً=

قد أمَّنَ اللهُ بعدَ البيتِ غاشِيها

وكلُّ ذلك لم يَشفعَ لدى عُمَرٍ=

في هفوةٍ لأبي سُفيانَ يأْتيها

تاللهِ لو فَعَلَ الخَطّابُ فَعلَتَه=

لمَا تَرَخَّصَ فيها أو يُجازيها

فلا الحَسابَةُ في حَقٍّ يُجامِلُها=

ولا القَرابةُ في بُطلٍ يُحابيها

وتلكَ قُوّةُ نفسٍ لو أراد بها=

شُمَّ الجِبالِ لمَا قَرّت رَواسيها

سَلْ قاهِرَ الفُرسِ والرُّومانِ هل شَفَعَتْ=

له الفُتوحُ وهل أغنَى تَواليها

غَزَى فأبْلى وخَيْلُ اللهِ قد عُقِدت=

باليُمنِ والنَّصْرِ والبُشْرَى نَواصِيها

يَرمي الأعادي بآراءٍ مُسَدَّدَةٍ=

وبالفَوارسِ قد سالَتْ مَذاكيها

ما واقَعَ الرُّومَ إلاّ فَرَّ قارِحُها=

ولا رَمَى الفُرسَ إلاّ طاشَ راميها

ولم يَجُزْ بَلدَةً إلا سَمِعْتَ بها=

اللهُ أكبرُ تَدوي في نَواحيها

عِشرُونَ مَوقِعَةً مَرّتْ مُحَجَّلةً=

من بعد عَشرٍ بَنانُ الفَتحِ تُحْصيها

وخالدٌ في سَبيلِ اللهِ مُوقِدُها=

وخالدٌ في سَبيلِ الله صاليها

أتاهُ أمْرُ أبي حَفصِ فقبَّلَه=

كما يُقَبِّلُ آيَ اللهِ تالِيها

واستَقْبَلَ العَزْلَ في إبّانِ سَطْوَته=

ومَجْدِه مُسْتَريحَ النَّفسِ هاديها

فاعجَب لسَيِّدِ مَخُزومٍ وفارِسِها=

يومَ النِّزالِ إذا نادَى مُناديها

يَقُودُه حَبَشيٌّ في عِمامَتِه=

ولا تُحرَّكُ مَخزُومٌ عَواليها

ألْقَى القِيادَ إلى الجَرّاحِ مُمْتَثِلاً=

وعِزّةُ النَّفْسِ لم تُجْرَحْ حَواشيها

وانضَمَّ للجُند يَمشي تحتَ رايَتِه=

وبالحياةِ إذا مالَتْ يُفَدِّيها

وما عَرَتْه شَكوكٌ في خَليفَتِه=

ولا ارتَضَى إمَرةَ الجَرّاحِ تَمويها

فخالِدٌ كان يَدري أنّ صاحِبَه=

قد وَجَه النَّفسَ نحوَ اللهِ تَوجيها

فما يُعالِجُ من قَولٍ ولا عَمَلٍ=

إلاّ أرادَ به للنّاسِ تَرفيها

لذاكَ أوْصَى بأولادٍ له عُمَراً=

لمّا دَعاهُ إلى الفِرْدَوسِ داعيها

وما نَهَى عُمَرٌ في يومِ مَصرعِه=

نِساءَ مَخزومَ أن تَبكي بَواكيها

وقيل: خالَفتَ يا فاروقُ صاحِبَنا=

فيه وقد كان أعطى القَوسَ باريها

فقال: خِفتُ افتِتانِ المُسلمين به=

وفِتنةُ النَّفسِ أعيَت مَن يُداويها

هَبوه أخطَأَ في تَأْويلِ مَقصِدِه=

وأنّها سَقطَةٌ في عينِ ناعيها

فلن تَعيبَ حَصيفَ الرأيِ زَلّتُه=

حتى يَعيبَ سُيوفَ الهِندِ يَطويها

تاللهِ لم يَتَّبعْ في ابنِ الوَليد هَوىً=

ولا شَفَى غُلَّةً في الصَّدْرِ يَطويها

لكنّه قد رأى رَأياً فأتبعَه=

عَزيمَةً منه لم تُثْلَمْ مَواضيها

لم يَرعَ في طاعَةِ المولى خُؤُولَتَه=

ولا رَعى غيرَها فيما يُنافيها

وما أصابَ ابنُه والسَّوْطُ يأخُذُهُ=

لَدَيه من رَأْفَةٍ في الحَدِّ يُبديها

إنّ الذي بَرَأَ الفاروقَ نَزَّهَه=

عن النَّقائِصِ والأغراضِ تَنْزيها

فذاكَ خُلقٌ مِنَ الفِردَوسِ طينَتُه=

اللهُ أوْدَعَ فيها ما ينَقِّيها

لا الكِبْرُ يَسْكُنُها، لا الظُّلمُ يَصحَبُها،=

لا الحِقدُ يَعرِفُها، لا الحِرصُ يُغويها

شاطَرتَ داهَيةَ السُّوَاس ثَرَوتَه=

ولم تَخَفه بمِصرٍ وهو والِيها

وأنتَ تَعِرفُ عَمراً في حَواضِرِها=

ولستَ تَجهَلُ عَمراً في بَواديها

لم تُنبِت الأرضُ كابن العاصِ داهيةً=

يَرمي الخُطوبَ بَرأيٍ ليسَ يُخطِيها

فلم يُرِغ حِيلَةً فيما أمَرتَ به=

وقامَ عَمروٌ إلى الأجمالِ يُزجِيها

ولم تُقِلْ عامِلاً منها وقد كَثُرَتْ=

أموالُه وفَشا في الأرضِ فاشيها

وما وَفى ابنُكَ عبدُ اللهِ أَيْنُقَه=

لمّا اطَّلَعْتَ عليها في مَراعيها

يَنها في حِماهُ وهي سارِحَةٌ=

مِثلَ القُصور قد اهتَزَّت أعاليها

فقلتَ: ما كان عبدُ الله يُشبِعُها=

لو لم يكن وَلَدي أو كان يُرويها

قد استعانَ بجاهي في تِجارَتِه=

وباتَ باسمِ أبي حَفصٍ يُنَميِّها

رُدّوا النِّياقَ لبيتِ المالِ إنّ له=

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير