بدأ "عبدالمعطي الدالاتي" كتابة الشعر منذ عشرين عاما، ولم يَنشر إلا بعد أن نضجت أفكاره وأشعاره وامتلك أدواته الفنية .. وعن بداياته مع الحرف يقول: "حُبّب إليّ منذ صغري الجمال في شتى صوره، ولاسيما جمال الإيمان وجمال البيان. الأمر الذي حملني على العيش في ظلال القرآن لأحفظ أكثر آياته، فكانت قبلتي الثابتة في الأدب هي القرآن الكريم .. فأشرِبَ قلبي الأسلوب القرآني الفريد .. وبه سمعت صوت الإعجاز".
كما بهره الجمال الفني الذي تجلى في الحديث النبوي، وأسرَته بلاغة النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، فقرأ الصحيحين مراراً، ومن أجمل رحلات حياته سياحته في مسند الإمام أحمد، حيث تأنّق في روضاته العِذاب، وحلّق مع بيان النبوة وأساليب الأصحاب ..
وبذا تشكل عنده ذوق لغوي رفيع، ونمت لديه "حاسة البيان"، وكان شعاره الدائم في الحياة: "إنتاج جليل، وإخراج جميل".
ومما حافظ على هذه الفطرة اللغوية، إدمانه قراءة أدب النوابغ والمبدعين، وتجنّبه الصارم للنصوص المتكلفة ذات الأساليب الضعيفة، فهو يحمي بصره من حروفها مثلما يحمي أذنه من سماع الأصوات المنكرة!
ويأتي على رأس الأدباء الذين أثّروا في تشكيل نثره الفني أديب العربية والإسلام "مصطفى صادق الرافعي" رحمه الله، حيث قرأ كتابه الفذ "وحي القلم" أكثر من سبع مرات.
كما قرأ لـ "الصادق عرجون" و "محمد الغزالي" و"القرضاوي" و"الطنطاوي" و"الندوي" و"العقاد" و"مالك بن نبي" و"عمر حسنة" و"د. عماد الدين خليل" و"د. نجيب الكيلاني" ولغيرهم من الأدباء والمفكرين.
وفي ميدان الشعر قرأ جلّ دواوين العربية، وتنخّل منها المقطوعات التي تجلى فيها الصدق الفني، والصور المبتكرة، والموسيقا العذبة.
ومثَله الأعلى في الشعر هو "حسان بن ثابت" شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم. وفي هذا يقول في قصيدته "على خُطا حسان" التي نشرها في موقع " لها أون لاين ":
تبوّأتُ في الشعر ميدانَهُ
وأسعى لأغدوَ "حسّانهُ "
بكفّي يَراعٌ شَدا للهدى
وعطّر بالدين ألحانَهُ
بحبِّ الإلهِ وحبِّ الرسولِ
سَيَبسُط في الشعر سلطانَه ُ
تبوّأتُ في الشعر ميدانَهُ
وقد يعرف الشعرُ فرسانهُ
وفي قصيدة " تحت لواء حسان " يكتب:
قلمي .. رأيتكَ في إسار المِعصمِ
حرَّ المسار .. تجوبُ بين الأنجمِ
قلمي .. تُحدّثني حروفُك أنّها
كانت تحومُ على جدار"الأرقمِ"
حتى أتيتَ بكلِّ ألوانِ السنا
من وحي ربّكَ ذي الجلالِ الأكرمِ
وقفتْ حروفك في الصفوف وكبّرتْ
عزَمتْ تجاهدُ كلَّ فكرٍ مُظلِمِ
تحت اللواءِ، لواءِ "حسّانَ" الذي
زانَ الزمانَ بكلِّ شعرٍ ملهَمِ
وأما الشعراء المحدَثون فقد تأثر بشاعر الإسلام "د. محمد إقبال"، وبالشاعر المحلّق "عمر الأميري". كما أعجبه شاعر اليمن "الزبيري"، والشاعر المتدفق "د. عبدالرحمن العشماوي".
أغراض أدبه وشعره
يَصدر في أدبه عن التصوّر الإسلامي للكون والإنسان والحياة.
وهو يرى أن كل أدب جميل يشي بالمشاعر السامية والقيم العالية هو أدب إسلامي.
وبما أن الإسلام هو دين الحياة، فالأدب الإسلامي هو أدب الحياة، والشعر الإسلامي هو شعر الحياة.
وقد شغلت قصائد المناجاة المساحة الكبرى من شعره؛ ولذلك لقّب بـ" شاعر الإيمان" .. وكثيرا ما يلحّ عليه هذا السؤال:
كيف عقِمت حناجر الشعراء عن مناجاة رب العالمين؟!
وفي مناجاة له يقول:
برفّةِ روحي .. وخفقة قلبي ... بحبٍّ سرى في كياني يُلبّي
سألتكَ ربي لِترضى، وإني ... لأَرجو رضاكَ - إلهي - بحبّي
وأَعذبُ نجوى سرتْ في جَناني ... وهزَّت كياني:"أحبُّك رَبي"
...
وما كنتُ بالحبِّ يوماً شقيّا ... ولو فَجَّر الحبُّ دمعي العصيّا
فهذا سكوني .. ودمعُ عيوني ... يناجي ينادي نداءً خفيّا
"تباركت ربي .. تعاليت ربي" ... ويَنفَدُ عمري ولم أُثنِ شيّا
كما استحوذت محبة النبي عليه الصلاة والسلام، على حيز كبير من قصائده،
وتتصدرها قصيدة "حار فكري" ومطلعها:
حار فكري، لست أدري ما أقولْ!
أي طهرٍ ضمّه قلبُ الرسولْ!!
وكذا قصيدة "أراود نفسي"، وقد أنشدهما الغريد المبدع "محمد العزاوي" بصوته الملائكي العذب.
المرأة في شعره
أما المرأة المسلمة فقد كتب لها الكثير الكثير .. على منديل من حرير! سواء كانت أماً أو أختاً أو زوجاً أو بنتاً. وقد خاطبهن كلهن في قصيدته "إليك حواء"، ومنها قوله:
حَباكِ الإلهُ بأسمى مقام ٍ
ووصىّ ثلاثاً نبيُّ الهدى
¥