تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يخضع المعجم الشعري لمبدأ الإفادة , إذ لا يمكن أن نعد جميع الكلمات معجما , بل ينبغي أن نستمع إلى إختيارالشاعر , وإلى الأقطاب الدلالية التي يستمد منها معجمه وفي هذه القصيدة يستمد إيليا أبو ماضي لغته من أربعة معاجم وهي:

1) معجم الفلك.

2) معجم الحرب.

3) معجم السعادة.

4) المعجم الإقتصادي المادي.

أما معجم الفلك فنجده واردا في الأبيات الأولى ففي قوله: السماء , والشهب , والنجوم. ففي قوله السماء ترددت كثيرا , وأعتقد أن مراده من ذلك جعل الحزين فاقد السعادة , يتفكر في السماء وما فيها من النجوم والشهب , لأن في ذلك تخفيفا للحزين وسعادة له , ونسيانا لما يمر به.

أما معجم الحرب فنراه جليا في أبيات معدودة مثل قوله:الدم , والقتل , والجرم , والعدى , والأعداء , والحِمى , وتخسر, ووجل.

وأرى أن معجم الحرب لم يكن موفقا للشاعر في اختياره لهذه القصيدة ولا يمت لموضوعها بصله , لكن أتصور أن هذه من العلامات التأريخية القديمة في الشعر العربي , فذكر الحرب سمة من سمات الشعر العربي القديم , ولابد أن تكون موجودة في شعرهم.

أما معجم السعادة فهو المعجم المرجعي في القصيدة , أي أنه موضوعها ومكان الإحالة على أحداثها , وهو فضاؤها الحقيقي.

فنجد الكلمات التي دلت على ذلك في قوله:ابتسم , اطرب , البشاشة , اضحك.

ونجد الشاعر قد كرر ذلك كثيرا وخاصة كلمة: ابتسم.فإن تكرار الكلمة التي تريدها مقصدا للقارئ قد توصل له المقصد , بل قد ينثني لما تطلب , وهنا نجد الشاعر قد فعل ذلك , فهو يريد الإبتسامة لكل من يقرأ النص.

أما المعجم الإقتصادي المادي فقد وجدناه محدودا مثل قوله: التجارة , ودرهم , ومغنم , وتخسر.

وأتصور أن الشاعر في اختياره لهذا المعجم يريد أن يبين أن من الحزن الأليم خسارة الإنسان في تجارته فأن ذلك يحزن المرء حزنا شديدا , فهو يريد أن يبين للخاسر شيئا من التفاؤل الذي يعيد عليه شيئا من بسمة الحياة وجمالها , مثل ذلك المهزوم في الحرب.

السياق التركيبي في القصيدة:

_الحوار: نجد القصيدة قد اتجهت في الخطاب الشعري نحو أسلوب قد يكون جديدا في الشعر العربي , وهو الحوار.

فالشاعر قد جعل القصيدة مكونة بين اثنين متحاورين , أحدهما حزين , والآخر يرد عليه ويخفف عليه حدة الحزن والألم , فإن جل القصيدة مضت على هذا المنوال.

إن أفضل طريقة لتوصيل فكرة ما في الخطاب العادي , هي طريقة الحوارالهادف فهو يجعل المعارض يقتنع بشكل سريع بل بإقناع كبير , فكيف إذا كان هذا الحوار شعريا منسقا ومركبا تركيبا رائعا, لاشك بأنه سيكون أبلغ وأنفع , وهذا ما وجدناه في هذه القصيدة.

إن ما يستوقف القارئ في هذه القصيدة قوة وروعة سبك هذا الحوار الشعري الجميل , فالشاعر قد جعل الطرف الآخر الذي يرد على من به حزن وألم يملك دررا من الحكمة ليحاور الآخر المعارض مثل قوله:

قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتسم

لن يرجع الأسف الصبا المتصرما!!

إن أسلوب الحوار يجعل القصيدة أكثر ووضوحا وفهما , وأيضا أسرع في توصيل المقصد من تلك القصيدة , وأيضا يختصر عليك مسافات لتحقيق الجمل والتراكيب مع بعضها , فهو كما يسمه البلاغيون المساواة , أضف إلى ذلك أنه أكثر جذبا لقارئ القصيدة.

_ أسلوب الخطاب والغيبة:

نجد الشاعر في هذه القصيدة قد جعل الخطاب لفرد واحد فكأن كل قارئ لهذه القصيدة يتصور أن الخطاب له شخصيا , وهذا من أبلغ وأجمل المعاني التي تحملها القصيدة.

أضف إلى ذلك أنه لم يغفل عن ضمير الغيبة فقد أتى به لينوع في الخطاب , لئلا تفقد القصيدة نشاطها وحيويتها.

فإن التنوع في الخطاب يجعل القارئ لا يفتر عن متابعة قراءة القصيدة , وبيان ما فيها من معان.

أيضا نجد الشاعر استخدم أسلوب الاستفهام بشكل واضح وبين , والإجابة على أي شخص في الخطاب العادي بأسلوب الاستفهام , يجعل الآخر يستلهم مراد المجيب , ويقتنع به , وهذا ما وجدنا في هذه القصيدة فالشاعر يجيب بأسلوب الاستفهام مع شيئا من الحكمة مثل قوله:

أتُراك تغنم بالتبرم درهما

أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما؟

فهو يريد أن يقول له لن تخسر بالبشاشة شيئا , ولن تغنم وتحصل على شيء جميل بالترنم , فهو قد جعل الاستفهام بصيغة الإجابة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير