_ التكرار: إن التكرار في القصيدة جاء متوازنا ومحدودا فنحن لم نر إلا بعض الكلمات التي تكررت دون الجمل , وهذا يدل على أن هناك مقصدا يريده الشاعر فضلا عن براعته في نظم الشعر.
فنجد مثلا كلمة (ابتسم) قد تكررت كثيرا , وهذا دليل على أن الشاعر يبين مقصده من القصيدة , كما أيضا يريد أن يبعث للمتألم الحزين شيئا من الابتسامة التي قد يتقبلها عقله الباطن.
كما نجد كلمة (السماء) قد تكررت, فالشاعر يريد من تكرارها أن يوحي للقارئ شيئا من صفاء السماء وبهائها ليجعلها متنفسا للحزين , وباعثا هاما للسعادة والابتسامة.
كما نجد أيضا كلمة (قال) قد كررها الشاعر كثيرا, وهذا دليل على أن سر سعادة الحزين حينما يبدي ما في نفسه , فالحزين كلما أبدى حزنه وبينه كلما خفف على نفسه تلك الحزن.
_التقديم والتأخير:
إن التقديم والتأخير في القصيدة العربية إذا كان له مقصودا عد عدولا فنيا مميزا , ونجد في هذه القصيدة ندرة ذلك , وذلك راجع لسهولة المفرادات وخطاب الشاعر. لكن استوقفتني قول الشاعر:
قال البشاشة ليس تسعد كائنا .. يأتي إلى الدنيا ويذهب مرغما
فإن البشاشة مؤنث , لكنه قال تسعد , وأتصور أن حقيقة الكلام: قال ليس تسعد البشاشة كائنا , فهنا استقام الكلام , وقد يكون ذلك لاستقامة الوزن.
السمات المميزة لنظام التمثيل:
إن ما يزيد من رونق إيقاع القصيدة وبهائها , كثرة الصور البلاغية التي تعتبر سمة أسلوبة مميزة , وهذا ما نجده في هذه القصيدة فنجد الجناس في الكلمات التالية:
حولي _ حولي , قال _ قلت , تجهما _ التجهم , السماء _ السماء ,
الصبا _ الصبا , مجرما _ مجرما , جرعتني_ جرعت , العلقما , العلقما , مرنما _ مرنما.
ونجد الطباق في الكلمات التالية:
متألما _ مبتسما , دائها_ شفائها , الكآبة _ البشاشة , تعرضت _بدت , كانت _صارت , تغنم _ تخسر , يأتي_ يذهب , معدم _حيا ابتسم _لن تبتسما.
كما نجد هنالك صورا تشبيهية رائعة فنجد في البيت الأول قوله:
قال السماء كئيبة! وتجهما
قلت: ابتسم يكفي التجهم في السما!
فقد شبه تغير مناخ الجو بأن السماء تحمل الكآبة والحزن , وهذا شبيه بمن يحمل الحزن في قلبه فكأن قلبه قد شابه شيء من الغبار.
أيضا نجد في قول الشاعر في البيت الثالث:
قال: التي كانت سمائي في الهوى
صارت لنفسي في الغرام جهنما
حيث شبه حبه وغرامه بحبيبته بأنها جهنم في نفسه , فقد جعل القارئ يعرف مدى لوعته وحبه بحبيبته هذه.
أيضا نجد من الصور التمثيلية قوله في البيت السادس:
قال: التجارة في صراع هائل
مثل المسافر كاد يقتله الظما
حيث شبه التجارة مثل ذلك الرجل المسافر المتعب وزيادة على تعبه أنه ظمآن لدرجة أن هذا الظما كاد أن يقتله.
أيضا في البيت التاسع عشر نجد قوله:
فاضحك فإن الشهب تضحك و الدجى
متلاطم, و لذا نحب الأنجما!
فهنا نجده قد جعل الشهاب الذي في السماء عبارة عن ضحكه في السماء , وهذا من براعة الشاعر حينما ربط تلك التشبيهات بمقصده , حيث جعل جميع الصور سواء محسوسة أو معنوية موظفة نحو النص وما يحتويه من معاني.
الخاتمة:
نجد إيليا أبو ماضي في قصيدته قد أجاد في سبك هذا الحوار الرائع , فإن ما يشد القارئ في هذه القصيدة الحوار الجميل المشتمل على بعض الحكمة وكثير الإقناع.
وقد سخر لبنائها عدة سمات أسلوبية أضفت على القصيدة صبغة جمالية , وهذه السمات تجمع بين بلاغة الشعر وبلاغة التمثيل الخطابي , لأن غاية الشعر منها الحمل على الإقناع و الجمال , و قد حقق الشاعر هنا هذين الهدفين.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[نسائم الخير]ــــــــ[27 - 12 - 2010, 03:46 ص]ـ
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
ولكن عذرا اخي الكريم هل هذا التحليل من قلمك؟
اعجبني جدا وجزاك الله خيرا
ـ[زينب *]ــــــــ[27 - 12 - 2010, 10:22 م]ـ
ما شاء الله
دراسة تحتاج إلى تأمّل
شعر إيليا يشبه كثيرا شعر الشّابّي، فهما ينظمان كثيرا على البحر الخفيف، ويُلاحظ أيضا كثرة استخدامهما للرّويّ "السّين"
لي عودة بإذن الله