ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:30 ص]ـ
الجزء الثاني عشر
.
لم يكد يرفع رأسه، وإذ بهما معاً في لقطة طائرة في الهواء ينقضان على البحيرة من على الصخرة الملساء فوق رأسه مباشرة، ويرتطمان بسطح الماء، فيحدثان موجة عالية من الماء الذي تطاير في كل اتجاه .. ويكأن البحيرة قد فرغت من مائها بعد ذلك ..
ثم غاصا في قاع البحيرة وتركاه مبللاً عن آخره بطوفان من الماء البارد .. ثم خرجا معاً وهما يضحكان في نشوة مرح تبهج من يراهما.
كانت البراءة ضيف الجميع، وقد ساهمت في إضفاء جو شاعري نبيل ودافئ أدخل السعادة على قلوبهم أجمعين، ولم يكن شيء في هذه النواحي الصامتة من الجزيرة يعكر صفوهم ومرحهم .. حتى الحيوانات والطيور كانت كمن يراقب مشهداً من الحب والصفاء لم يكن ثمة مشهد أروع منه قد شاهدوه من قبل، فلزمت الطيور أعشاشها حياءً منهم وكفت عن التحليق، وقرت الحيوانات في جحورها ولم تبرح في سكون عجيب.
ثم تذكروا جهاز البث أخيراً فقرروا مغادرة البحيرة.
* * * * * * * * * *
وصلوا جميعهم إلى الكوخ قبل الغروب، استطاعوا فيما تبقى لقرص الشمس من وقت قبل أن تتوارى خلف البحر، أن يصنعوا شيئاً من الطعام .. إلا أن غيوم هذه المرة قد اصطادت أرنباً برياً بمساعدة الغلام خفيف الحركة، ولم تصطد سنجاباً أو سحلية كما كانت تقول من قبل .. وبدأوا يستعدون للشواء.
انهمك كريم في ملاحقة كل ذبذبة تظهر على جهاز البث، ويكرر النداء دون جدوى،ثم جلس على كرسي خشبي متهالك أمام الجهاز وأخذ يترقب بصمت وهدوء ...
بينما توجه الغلام ناحية البحر، وأخذ يصطاد بيديه العاريتين عدداً من المحارات المتحركة وبعض مخلفات البحر التي تؤكل، وبقيت غيوم أمام موقد الشواء تعد الطعام.
وكان كل واحد منهم يمد صوته في الهواء عالياً حين يرغب بالحديث مع أحدهم ويتبادلون الضحكات بصوت مرتفع أيضاً.
كانت أصواتهم العالية تنساب عبر موجات الأثير مسافات بعيدة عن الشاطئ ...
هذه الأصوات كانت سبباً كافياً في جلب ضيوف من سكان القرية كانوا ينقبون الأرض بحثاً عن غيوم.
ظهر من بين الأشجار عدد من شباب القرية وقفوا أمام غيوم مباشرة يلهثون وأنفاسهم ثائرة
في غفلة من الصديقين .. ثم تكلموا معها بكلام بلغتهم الساحلية نزل على قلبها كالصاعقة!!؟؟؟
أحس كريم بوصولهم فخرج فوراً ليجد غيوم وقد سدت فمها بيديها وبدا على وجهها علامات الانزعاج والقلق، ثم قالت له بطريقة مبعثرة للغاية: " أمي تحتضر، وهي في خطر .. أصابتها نوبة قلبية حادة من جديد .. يجب أن أرحل ".
لم تزد أكثر من هذه الكلمات ثم اختفت معهم داخل الغابة بلمح البصر .. !!
ثم عادت فجأة تركض وحدها باتجاه كريم حتى ارتطمت به من فرط سرعتها، وأمسكت بيده ووضعتها على صفحة خدها .. ثم نظرت في عينيه بطريقتها القروية .. وبكلمة واحدة فقط وبلغتها الساحلية التي تستخدمها معه لأول مرة قالت له: " ناكوبينديا " ثم اختفت بين الأشجار من جديد، وتركت كريم تملأ عينيه الدهشة والاستغراب!!!
مكث كريم يتأمل معنى تلك الكلمة الغريبة!! ورغم أنه لم يكن يدرك معناها بشكل أكيد؛ إلا أن طريقة غيوم وهي تلقيها على مسامعه جعلته يشعر أن تلك الكلمة الدافئة اخترقت جدار صدره، ثم ضلوعه، ثم غشاء قلبه واختفت بين شرايينه وتجاويفه .. هناك في قعر بعيد
ثم بدأت تتمدد بكل اتجاه بشكل أحس به، وتحللت إلى مشاعر تتدفق مع الدم وسط عروقه.
لم يقطع عليه هذا الانسجام المتناغم بين الكلمة وتأثيرها في نفسه، إلا رائحة اللحم وهو يحترق!! فأخذ يقلب الأرنب على النار ويترقب وصول الغلام الذي جاء يمشي باتجاهه يدفعه الجوع وهو يردد مقاطع من أهازيج أهل القرية حين يصطادون شيئاً من البحر!!
وصل إهيكاواتا وهو يحمل بين يديه محارات وأصداف وأخطبوطاً صغيراً ألقى به البحر على الشاطئ لا يزال يتحرك .. وما إن وصل حتى بدأ يفتش بعينيه عن غيوم!!؟؟؟
وبالرغم من ضعف لغته الإنجليزية .. (وهي اللغة المشتركة الوحيدة بينه وبين كريم) إلا أنه تجرأ وكون جملة متكاملة مفيدة يسأل فيها عن غيوم!!
¥