تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[كيف نشأ الشعر 2]

ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[16 - 11 - 2006, 07:29 م]ـ

الشعر الموزون، لمن يعود الفضل في ظهوره؟ هذه التساؤلات تقودنا إلى استنتاج حقيقة مفادها: أن هذه البحور الشعرية لا يمكن أن نطبقها على أي شعر من غير لغة العرب , فنحن لم نجد شعرا موزونا عند غير العرب حتى ولو كان على أوزان خاصة بهذه اللغة غير أوزان العرب , المهم أن يكون موزونا.

إذن فهذه الأوزان لم يكن للعربي الفضل المطلق في ابتكارها , وإلا لابتكر شعراء اليونان والهنود وغيرهم أوزانا خاصة بهم , أوزانا تناسب لغاتهم ,

إذن لمن يعودالفضل في إنشاء العرب أوزانا خاصة بهم؟

يقول الدكتور محمد المبارك في كتابه فقه اللغة وخصائص العربية ((إن في أصوات حروف كل لغة صورة من الأصوات التي ألفها)) () ص246 الطبعة الخامسة دار الفكر بيروت 1972

والى الآن لا نستطيع أن نميز الخصائص الصوتية للعربية ونسند إليها الفضل في ظهور الشعر موزونا فهذه الأصوات كما قال المبارك مشتركة بين كل اللغات

فما سر الجمال في شعر العرب؟

وقبل الإجابة على هذا السؤال يجب أن نعرف سر الجمال في لغة الشعر نفسها

فما سر الجمال في اللغة العربية؟

يقول المبارك: ((تمتاز اللغة العربية في مجموع أصوات حروفها بسعة مدرجها الصوتي سعة تقابل أصوات الطبيعة في تنوعها وسعتها , وتمتاز من جهة أخرى بتوزعها في هذا المدرج توزعا عادلا يؤدي إلى التوازن والانسجام بين الأصوات))

المصدر السابق ص 250

هذه الخصائص الصوتية للحروف لا بد أن يظهر تأثيرها على الألفاظ بحكم أن الحرف

هو الوحدة الأصغر في تكوين اللفظ، كالخلية في الجسم.

أعتقد أن الصورة الآن أصبحت أكثر وضوحا , فالعربية تتميز بالإيقاع الموسيقي وبتناسق المقاطع الصوتية فيها , ناهيك عن اختصاصها بعلامات الإعراب التي تعطي الكلام العادي أنغاما خاصة , فما بالك بالقوافي 0؟ هذه الميزات التي اختصت بها اللغة العربية وهذه الخصائص التي جمعتها , ساعدت العرب كثيرا في إنشاء هذه الأوزان , فالعربية كما أسلفنا ذات موسيقى خاصة حتى أننا في بعض مقاطع الكلام العادي نستطيع أن نشعر بذلك الإيقاع الذي نشعر به عند سماعنا للشعر 0

إن طريقة نطق العربية تفصل الكلام إلى مقاطع صوتية تراعي التناسق بين الأصوات ومخارج الحروف , وقد تبدل حروفا من أخرى لمجرد أن يكون الحرف الأصلي يسبب صعوبة النطق أو تناسق الصوت {كاصطاد – اضطرب , وهذين الفعلين هما افتعل من صاد واضطرب , ولك أن تحاول نطقها بالتاء , اصتاد , اضترب , لتعرف السبب في إبدال الطاء بالتاء}

كما أنهم يراعون تناسق الحركات والسكنات

وإلا فما الذي جعل العربي يرفع الفاعل وينصب المفعول به؟ و دون أن الحاجة إلى آلية يسير عليها في ذلك؟ [/ U](( لقد كان العربي يفعل ذلك بالفطرة لأنه اعتاد على موسيقى وإيقاعات خاصة في اللغة العربية , وخروجه عن القواعد النحوية ـ التي لم يكن يعرفها ـ يفقده هذه الميزة، التي اعتاد عليها , واكبر دليل على ذلك هو انه يرفع المفرد بالضم والمثنى بالألف والأسماء الخمسة بالواو ............. الخ , ولم يجعل علامة الرفع موحدة , [ U] فهل فعل ذلك تمشيا مع قواعد النحو؟ ولإدراكه أن مخالفة ذلك تعتبر خطا نحويا؟ لا , ولكنه كان يفعل ذلك حفاظا على موسيقى اللغة وجمالها واهم شئ أخذه بعين الاعتبار هو المحافظة على سهولة نطقها 0

لننظر مثلا إلى المفعول به المؤنث , فما أجمله وأخفه عندما ننصبه مفردا بالفتحة فنقول رأيت أما وطفلها , ولكن هذا الجمال لا نجده إذا طبقنا نفس الشيء على جمع المؤنث فلو قلنا: رأيت امهاتا وأطفالهن , لم يكن للفتحة ذلك الجمال وتلك الخفة والسلاسة اللتان كانتا لها في الجملة الأولى. لذلك عدل العربي عن الفتحة في نصب جمع المؤنث إلى الكسرة))

{مابين الأقواس مستفاد من محاضرة للدكتور. عبد المحسن القحطاني

بعنوان جماليات اللغة , ضمن فعاليات الأنشطة الثقافية التي تنظمها كلية الآداب ـ جامعة الملك عبد العزيز ـ 1419 هـ}

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير